كتبتها – نسرين الصافي
الصّورة مقتطفة من كتاب أطلس مدن العالم Civitates orbis terrarum وهو مؤلّف ضخم في ستة أجزاء، نُشر أوّلها في سنة 1572م وآخرها في 1618م.
تضمّن هذا المؤلّف حوالي 546 من الرسومات لتصاميم وخرائط أكبر وأهمّ حواضر العالم في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا خلال القرن 16م وبداية القرن 17م، بالإضافة إلى تضمّنه تعليقا حول كل مدينة يُحدّد موقعها الجغرافي ويُعرّف بمؤهلاتها البشرية والطبيعية والاقتصادية ويصف أهميتها السياسية والتجارية…
يُعتقد أن صورة المدينة المُشار إليها والمؤرّخة بسنة 1572م، هي في الحقيقة منقولة من رسم قديم لأزمور أنجزه المدعو Duarte de Armas في بداية القرن 16م، حيث شارك هذا الأخير خلال سنة 1507م، بواسطة أسطول صغير، في رحلة استكشافية للسواحل المغربية بأمر من الملك البرتغالي مانويل الأول الملقّب بالمحظوظ (1521-1495م)، وذلك بغرض استكشاف الأهداف العسكرية بالمنطقة وضمنها أزمور، قبل عودة البرتغاليين لاحقا لاحتلالها.
وبالتالي فإن هذا الرسم يترجم لنا في الغالب صورة مدينة أزمور خلال بداية القرن 16م، قبيل احتلال البرتغاليين للمدينة في سنة 1513م، وليس خلال سنة 1572م.
أكثر ما يلفت الانتباه في الصّورة هو وجود سور حصين ذي شرفات محيط بالمدينة تتخلّله أبواب وأبراج للمراقبة، وكذلك تعدّد المآذن التي تعكس كثرة المساجد بالمدينة، بالإضافة إلى تعدّد المنازل… مما يفيد بأنها كانت مدينة عامرة آهلة بالسكان خلال تلك الفترة.
وهي الملاحظات التي يُؤكّدها نصّ التعليق المرافق لرسم المدينة، الذي يُقدّم لنا وصفا مقتضبا لأزمور ولساكنتها، حيث تم وصف المدينة بالشّساعة، وسكاّنها بالكثرة والذين نعتوا أيضا بالكياسة واللباقة ونظافة الهندام.
وأشير في النص إلى وفرة خيرات أزمّور من الأسماك لدرجة أن ساكنتها تصنع من شحمها زيتا للإضاءة، وإلى وفرة الحبوب والخضر في محيط المدينة. كما ذُكر في النص تعايش المسلمين واليهود بأزمّور وعلاقة السّلم التي كانت تجمع فيما بينهم، والعلاقات التجارية التي كانت تربط بين ساكنة المدينة والتجّار البرتغاليين….
وأُشير في النص من جهة أخرى إلى أطماع البرتغاليين في احتلال أزمّور بهدف الاستحواذ على خيراتها، وإلى محاولتهم الأولى الفاشلة في الاستيلاء عليها، قبل أن ينجحوا في تحقيق ذلك في محاولتهم الثانية. وذلك بفضل الأسطول الكبير والمجهّز الذي أرسله ملك البرتغال لتنفيذ تلك المهمّة.
يمكن الاطّلاع على مضمون نص التعليق المًترجم من اللاتينية إلى الفرنسية في الوثيقة المُرفقة، والتي زوّدنا بها مشكورا الأخ العزيز الجيلالي ضريف، باحث مهتم بتاريخ وذاكرة دكالة، كاتب عامّ جمعية ذاكرة دكالة بالجديدة.
**محافظة مدينتي الجديدة وأزمور بالمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة
قم بكتابة اول تعليق