القصة الكاملة.. النصب وراء جريمة ذبح سيدة بمولاي عبد الله

متابعة – أسامة طبيقي

أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالجديدة، صباح أمس الأحد 9 فبراير، بإيداع المتهم الملقب بالمكناسي، السجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، على خلفية ارتكابه جريمة بشعة ذهبت ضحيتها سيدة تبلغ من العمر 60 سنة تنحدر من مدينة سيدي بنور وأم لخمسة أبناء، يوم الأحد الماضي بتراب جماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة. 

الحادث الذي الذي استأثر باهتمام الجميع حتى أصبح الكل ينسج بعض الحكايات ويروي تفاصيل الجريمة على مقاسه، لكن بطل القصة كانت له روايته الخاصة بعدما عاش تفاصيلها وأعاد تمثيلها أمام الدرك الملكي، حيث بدا هادئا وهو يقف أمام الوكيل العام للملك صباح يوم أمس مصفد اليدين، وتحت حراسة أمنية مشددة، بعد انقضاء فترة الحراسة النظرية بعدما طلب قائد المركز القضائي للدرك الملكي بسرية الجديدة بتمديدها، وقضى المتهم في “ذبح سيدة بمولاي عبد الله” ما يزيد عن الساعة أمام الوكيل العام للملك، قبل أن يغادر مكتبه ويعرج على مكتب قاضي التحقيق في جلسة أولية كانت كافية لإرساله إلى السجن المحلي بسيدي موسى، في انتظار بدء جلسات التحقيق التفصيلي معه حول ما نسب إليه من تهم.

الملقب ب”المكناسي”، صاحب الواحد والأربعين سنة والمنحدر من مدينة مكناس متزوج من سيدة تشتغل بمؤسسة تعليمية خاصة بالجديدة وله منها بنتان، حيث كان يعمل في السابق بإحدى الشركات بالمنطقة الصناعية بالجرف الأصفر بالجديدة والتي كانت سببا في زواجه بعدما تزوج بإبنة زميله في العمل لكنه غادر الشركة باحثا عن عمل يمكنه من الاغتناء بسرعة غير مبالي بالعواقب الوخيمة، ويتعلق الأمر بالنصب على الراغبين في العمل موهما إياهم بتوظيفهم في شركات محترمة بالجرف الأصفر بالجديدة، الصدفة جعلت الضحية التي تنحدر من مدينة سيدي بنور تلتقي يوما بالشخص الذي سيضع لها حدا لحياتها، حيث طلب منها ان تتكلف بجمع الوثائق اللازمة من الراغبين في العمل بعدما أدخلها في لعبته بطريقة غير مباشرة حتى وجدت نفسها أمام العشرات من الضحايا وهم يطالبونها بإرجاع أموالهم التي منحوها إياها مقابل التوسط لهم مع المتهم بعدما كانت تمده بمبلغ مالي و تقتطع بدورها نصيبها من كل عملية مقابل أن يجد لهم عمل قار يواجهون به مصاعب الحياة. 

أمام موجة من السخط من قبل الضحايا لم تجد “مي نعيمة” كما يحلو للبعض أن يلقبها نظرا لسنها الكبير، إلا أن تواجه المتهم بأنها ستقوم بالتبليغ عنه بعدما وجدت نفسها في “فم المدفع”، وأمام هذا الخناق بدأ المتهم في التفكير بطريقة لكي يتخلص من “مي نعيمة” التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا بالنسبة له، وبعد تفكير طويل كان خيار التصفية الجسدية هو الحل الوحيد ل”المكناسي”.

ضرب المتهم موعداً مع الضحية مستغلا حلولها بمدينة الجديدة بعدما كانت تنوي زيارة إبنها النزيل بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، وفي الوقت والزمان والمكان المحدد إلتقى المتهم بالضحية وطلب منها مرافقته إلى إحدى الشركات القريبة من المركب الصناعي بالجرف الأصفر بالقرب من السكة الحديدية موهما إياها انه سيجد الحل، وفعلا كان الحل بعدما خطط لكل صغيرة وكبيرة وكانت نية القتل حاضرة، حيث استغل يوم الأحد الذي ينعقد فيه السوق الأسبوعي بمولاي عبد الله وبما أن الدوار يكون شبه خالي من الساكنة وعند وصوله إلى مسرح الجريمة الذي اختاره بعناية فائقة، مستغلا الأشجار وكثافة النباتات التي تحيط بالمكان، جاءت ساعة الحسم في القرار واجه المتهم الضحية بكل التهديدات التي وجهتها له حيث دخلا في مشاداة كلامية، قبل أن يستل المتهم سكينا وجه به عدة طعنات للضحية على مستوى العنق ومناطق مختلفة من جسمها.

بعد التأكد من أن الضحية قد فارقت الحياة قام بتفتيش حقيبتها اليدوية لعله يجد بها المال لكنه لم يجد شيئاً فأخد مفتاح منزل الضحية التي تملكه بدوار تكني بجماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة ثم لاذ بالفرار تاركا “مي نعيمة” مدرجة في دماءها، وكانت آخر صرخة لها ورغم أنها أتت متأخرة، النداء الوحيد لإكتشاف جثثها بين حقول الطبيعة، حيث تم إبلاغ المصالح الدركية المختصة التي حلت بعين المكان مدعمة بالفرق التقنية مستعينين بالكلاب المدربة، من أجل تمشيط مسرح الجريمة بحثا عن كل ما يمكنه أن يساعد في فك خيوط وملابسات هذه الواقعة التي اهتزت لها الساكنة.

لم يكن الأمر سهلا في البداية على عناصر الدرك الملكي، لكن بفضل الحنكة والتجربة الكبيرة التي يكتسبونها في مثل هذه الحوادث، بدأت خيوط الجريمة تتضح بعدما تم العثور على هاتف الضحية قرب مسرح الجريمة والذي من خلاله تم الاهتداء إلى هويتها، وكانت لحظتها “الجديدة إكسبريس”، السباقة في نشر الخبر للرأي العام بعد حصولنا على معلومات تفيد الضحية من هي ومن أين تنحدر بعد تواصلنا بع أحد أبناءها الذي أكد الخبر رغم قلة المعطيات الواردة لحظتها.

بالرجوع إلى حيثيات الواقعة وكما ذكرنا أن الهاتف كان بمثابة الخيط الرفيع للمحققين، بعدما كانت آخر مكالمة هاتفية مع الضحية من “المكناسي”، هنا حسم الأمر بنسبة كبيرة وتوجهت الشكوك إليه وأصبحت مسألة توقيفه من طرف عناصر الدرك الملكي مسألة وقت فقط، وبعد ثلاثة أيام من ارتكابه الجريمة ضربت السلطات الدركية يوم الخميس 6 فبراير، طوقا أمنيا أمام منزله بحي البركاوي وهم ينتظرون بلهفة خروجه من وكره لإصطياده، هنا ظهر المتهم وهو يخرج من المنزل رفقة زوجته في الصباح الباكر تحت عتمة ساعة العثماني، لكي يوصلها إلى مكان عملها، ليجد في استقباله أشخاص لم يعتد على لقائهم. 

تم اصطحاب المتهم إلى مقر المركز القضائي للبحث معه أمام دهشة زوجته التي لم تتخيل يوما أن أب بناتها المتحدر من مدينة مكناس مدينة الحضارة العربية الإسلامية والتاريخ العريق أنه سيتحول في يوم من الأيام الى قاتل بسبب الطمع، حيث حاصره المحققون بالأدلة مستعينين بالمكالمات الواردة بينه وبين الضحية حيث اعترف في بداية الأمر للمحققين بعمليات النصب التي كان يقوم بها إذ نفى نفيا قاطعا أن يكون على علاقة بجريمة قتل “مي نعيمة” لكن حنكة المحققين بالمركز القضائي للدرك الملكي بالجديدة جعلتهم يحاصرونه من كل الجهات قبل أن ينهار ويقرر الإعتراف بارتكابه لهذه الجريمة التي اهتز لها الرأي العام الوطني والمحلي. 

ليقوم بمرافقة المحققين إلى مسرح الجريمة يوم الجمعة 7 فبراير، تحت حراسة مشددة بحضور قائد المركز وقائد سرية الدرك الملكي بالجديدة الى مسرح الجريمة، للبحث عن السلاح الذي ذبح به المتهم الضحية الذي تم العثور عليه، فيما تم حجز بعض الحاجيات التي تفيد البحث والتي كان المتهم قد تخلى عنها بجانب سور الملاح بمدينة ازمور، ليتم الانتقال كذلك إلى منزله بدرب البركاوي بالجديدة، حيث تم حجز تلفاز وبعض الأواني المنزلية التي قام بسرقتها من منزل الضحية بدوار تكني بمولاي عبد الله وكأن شيئا لم يقع.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


9 + 1 =