“المغرب الديمقراطي” بين الدستور والواقع والمبتغى..

بقلم – د . محمد الزهراوي

أحيانا تقع بعض الاحداث و والوقائع التي تؤكد أن هناك خلل ما يعتري البوصلة والرؤية والتقدير..وأن هناك سوء فهم كبير وتحريف شديد لمفهوم الديمقراطية شكلا ومضمونا. فالديمقراطية وشكلياتها لا تعني ولا يجب أن تفهم على أنها الارتكان الى الجمود و الانتظارية وقداسة المدة الانتدابية وبروز مؤسسات صورية وضعيفة..فالديمقراطية أشمل وأوسع من هذا المفهوم القاصر والضيق، فهي أداة للتعبير عن إرادات مختلفة داخل المجتمع، وتحقيق هذا الامر قد يأخد اشكالا متعددة، هادئة احيانا وجارفة أحيانا اخرى، لذا، فالهزات الكبرى والتحولات المصاحبة لها من صميم وجوهر الديمقراطية، ومخطئ من يعتقد أن الديمقراطية تعني في ما تعنيه، تقديس الشكليات والجمود والارتهان الى المجهول ورهن مستقبل شعب بأكمله بدعوى احترام الديمقراطية..وكأن المرء يصنع تمثال ويتفنن في نحته ليعبده وأهله، دون جدوى..
فهل المغرب أكثر ديمقراطية من الدولة العريقة التي تعيش دوما على ايقاع التحولات الكبرى، بل أضحت الهزات الكبرى من المعتاد والعادي في مسارها وممارستها السياسية!! سؤال لا يحتاج الى الكثير من التخمين، فقط يمكن للمرء أن يفتح نافدته على العالم، ليرى وليفهم وليتأمل وليأخد العبرة والموعظة الحسنة كما قالها الاولون..وليس الامر ببعيد، فخلال نهاية هذا الاسبوع وعلى بعد 14 كليو متر من المغرب، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في 28 إبريل المقبل بعد سحب أعضاء البرلمان الكتالونيين القوميين دعمهم للحكومة الاشتراكية.

واقعة أخرى لا تقل أهمية، ولا تخلو من دلالة، عندما وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة قرار إعلان “حالة الطوارئ الوطنية” لتمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك. واعتبرت المعارضة، التي ترفض تشييد الجدار، هذا القرار “انقلابا عنيفا” على الدستور. حيث يسمح هذا الإجراء الاستنثائي له بتجاوز الكونغرس من أجل الحصول على الأموال، لبناء الجدار، الذي يرى فيه حلا لوقف الهجرة غير النظامية.
في الاخير، الديمقراطية وادواتها الدستور والاجال والشكليات هي آليات ومكانيزمات للتعبير عن ارادة الجماهير، هي وسيلة للاشراك المواطن وصهر ودمج التناقضات والاختلافات..فالديمقراطية ليست قاعة انتظار كبرى، لذا، فإعمال الدستور في بعض الاحيان بطريقة صارمة وحادة لاعادة ترتيب المشهد واحداث هزات وتحولات خيرا وأفضل بكثير من واقع يسوده الجمود والانتظارية بدعوى أو توهم احترام الدستور..فشتآن بين الاثنين..

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


45 − 44 =