قصبة الوليدية

أو الوليد بن زيدان 1631/1636
من قتل كلّ إخوته وأبناء عمه إلى بناء قصبة الوليدية

بقلم – حسَن الرّحيبي

لقد بدأت الدولة السعدية في الانحلال والانهيار منذ وفاة السلطان العظيم أحمد المنصور الذهبي 1578/1603 بفعل مرض الطّاعون الذي كان مستشرياً آنذاك بالمغرب . فقامت ثورة بن أبي محلّي ، وأيضاً ثورة السكان ضد مولاي زيدان الذي تميز بإيلاء مشاريعه الإقتصادية والعسكرية للفرنسيين والهولنديين واليهود للإشراف عليها وتسييرها . وبعد وفاة زيدان سنة 1627 خلفه ابنه عبد الملك الذي كانت سمعته في الحضيض بسبب ولعه بملذات الحياة وتعاطيه لشرب الخمور . ممّا جعل نهايته مخموراً وفاقداً للوعي عند اغتياله يوم 10 مارس سنة 1631 . في مؤامرة دبّرها أخوه الوليد الذي يعنينا في هذا المقال . والذي قام أيضاً بقتل أخيه اسماعيل واثنين من أولاد أخيه عبد الملك وسبعة من أبناء عمه مولاي فارس . ولم يترك سوى أخيه الصغير الشيخ بن زيدان الذي كان مُخبّأً في قصر النساء . ومضروبة عليه حراسة مشدّدة .
كان الوليد بن زيدان متظاهراً بالعلم والتدين والورَع الشديد . ومولعاً بالسماع ومجالس الذكر ليلاً ونهاراً . لكنه أدمن على قتل الأشراف من إخوته وأبناء عمومته رغم محبته الكبيرة للعلماء بإكرامهم ومنحهم تعويضات ذهبية على مؤلّفاتهم التي ازدهرت في عهده . وأيضاً إرسال حسكات من الذهب الخالص بعشرات الأرطال من الذهب الخالص للكعبة المشرّفة !
كما كان المهندس الفرنسي سان ماندريي saint mandrier قد اقترح من قبل على والده بناء مرسى بالوليدية باستخدام المتفجرات بواسطة براميل من البارود الشديد الانفجار لنسف الصخور إنطلاقاً من جنوب سيدي كرام الضيف ، كما يمكن لأي ملاحظ أن يتتبع ذلك ، مروراً بجزيرة الحمَام . ومعاينة عدة فتحات داخل الصخور ، وتسربات المياه الناتجة عنها . حتى الفتحة النهائية على شاطئ الوليدية التي أدت إلى كارثة حقيقية لأصحاب حقول الخضر والعنب والشعير . وإلى متعة أيضاً حقيقية للمصطافين والسياح حالياً ، والوافدين من كل الربوع للاستمتاع بجمال الطبيعة ورطوبة البحر المنعشة . ومناظره الخلاّبة . حين غمرت المياه حقول الفلاحين الفقراء الذين اعتبروا ذلك انتقاماً من الله بسبب عدم إكرام ولي صالح جاء من اليمن . طالباً عنقود عنب . ليستعمل عصاه ويتبعه الماء حتى شواطئ اولاد غانم !
كان السبب الحقيقي والملحّ بالإسراع لإنشاء مرفأ للسفن بفعل احتلال ميناء آسفي من طرف المعارضين للسلطان . واحتلال ميناء البريجة ( الجديدة) من طرف البرتغاليين . مما يجعل خيرات دكالة تحتاج لمنفذ لتسويقها نحو أوربا حين وقع الاختيار على الوليدية . كان ذلك في سنة 1626 . لكن قبائل دكالة ثارت على الوليد بإيعاز من عائلة بالاش palach اليهودية التي كانت تملك أراضي كثيرة من الوليدية حتى الجديدة الحالية . بفعل انخراطها في القرصنة البحرية خاصةً من طرف السفير اليهودي في هولندا بالاش . مما جعل الوليد يعدل عن إنشاء المرفأ . لكن بعد فوات الأوان . ويكتفي فقط ببناء القصبة الحالية . (قشلة أو حامية عسكرية بالمعنى القديم) . وزودها بالمدافع والجنود . إلى جانب قصبة أيير الحالية بعد طرد البرتغاليين وإخلائها منهم سنة 1617 .
وتميز الوليد بمطالبته الشديدة بالخزانة الزيدانية حين استولى القراصنة الإسبان على صناديق . اعتقدوا أنها مليئة بالذهب لاشتهار امتلاك السعديين للذهب الكثير المجلوب من غرب إفريقيا والسودان ، مع عبيد گناوة ( غينيا وغانة) . مما أدى لتسمية كبيرهم بالمنصور الذهبي ! وذلك في سفينة فرنسية اكتُريت لنقل خزانة وأمتعة زيدان من ميناء آسفي نحو أغادير بسبب اشتداد الفتن والحصار على مراكش . لكن قائد السفينة الفرنسي حوّل اتجاهها نحو الشمال عندما لم يتوصل بأجره . ليستولي عليها القراصنة قرب سلا سنة 1612 ويقدمونها هدية للملك الإسباني . ولا زال المغرب يطالب بها إلى اليوم رغم نسخها على أقراص إلكترونية من أجل الباحثين المغاربة . ورغم احتراق مكتبة إسكوريال حيث وضعت ولم يبق منها سوى 2000 كتاب بالعربية والفارسية والتركية .

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


− 1 = 1