أربعة ملاحظات حول “الجفاء والفتور” المغربي/السعودي

بقلم – محمد الزهراوي

جرت العادة أن المغرب لا يتسرع ويتريث عادة في مسألة سحب السفير كيفما كانت طبيعة العلاقة مع الدول، لاسيما عندما يتعلق الامر بحليف تقليدي مثل السعودية..فما هي الاسباب الحقيقية التي دفعت المملكة الى اتخاذ هذا الاجراء ؟ هل تقرير قناة العربية المستفز حول الوحدة الترابية ؟ أما أن مسألة تصويت السعودية لامريكا ومعاكستها للمغرب بطريقة غريبة ومقرفة هي السبب في جفاء فتور العلاقة بين البلدين ؟ عدة تساؤلات واشكالات تثار في هذا الشأن، وتضع الدبلوماسية المغربية تحت المجهر، وتجعل العلاقة مع حلفاء الامس على المحك..وفي اطار محاولة فهم واستبيان المسار والمنحى الجديد الذي اتخدته العلاقة بين الطرفين، يمكن الاشارة الى أربعة ملاحظات العربية :
الاولى، منذ مجيء محمد بن سلمان وتوليه ولاية العهد، واستلامه مقاليد الحكم بشكل فعلي في السعودية، ظهرت مجموعة من التحولات في علاقة هذا البلد الخليجي مع محموعة من الدول، حيث اتسمت في مجملها بالتوتر والعداء والتخبط والعشوائية(قطع العلاقة مع قطر، التبعية الكاملة أن لم أقل الانبطاح لترامب، ..كما لم يسلم من سياسات محمد بن سلمان حتى الامراء والعلماء السعوديين أنفسهم، بعد اعتقال عددا منهم. كل هذه الوقائع تؤشر على أن الماسك الجديد بالسلطة بالسعودية يفتقر الى بوصلة وسياسة واضحة لادارة شؤون البلاد، كما يؤكد هذا الواقع أن ولي عهد السعودية ليس قارئا جيدا للتاريخ وليست لديه دراية كافية بالتعقيدات والتوازنات المطلوبة في المرحلة الراهنة..
الثانية، سياسات وطموحات محمد بن سلمان رغم تكوينه العصري، لا تزال حبيسة ثقافة ورواسب العصبية القبلية/البدوية والمحكومة بمنطق التأر والانتقام..وهو ما ساهم في توتر علاقته مع المغرب، لاسيما وانه يظهر وكأنه غير ملم وليست لديه دراية كافية بتاريخ ومكآنة الامة المغربية، وعلاقات المغاربة وارتباطهم القوي بوحدتهم الترابية.
الثالثة، ردود فعل ولي عهد السعودية تجاه المغربي خلال المحطتين السابقتين، الاولى، ردة الفعل تجاه الموقف المغربي من الازمة الخليجية، وذلك، بمعاكسته ودعم أمريكا لاحتضان كاس العالم 2026، الثانية، عندما تحفظ المغرب على زيارته الاخيرة للمنطقة المغاربية، ورده المشفر من خلال بث قناة العربية لتقرير مستفز للوحدة الترابية، كلها مؤشرات تصب في اتجاه تأكيد الخلاصات السابقة، التي مفادها أن محمد بن سلمان يفتقر الى رؤية واضحة لادارة علاقاته بالحلفاء التقليديين خاصة فيما يتعلق بتاريخ العلاقة بين البلدين، كما بات من المؤكد أن السعودية تحتاج في الوقت الراهن الى مراجعة شاملة على مستوى ادارة العلاقات مع الاصدقاء والاعداء على السواء في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة في المنطقة، بفعل بروز مشاريع التجزئة والتقسيم..
الرابعة، بالنظر الى العقيدة الدبلوماسية للمملكة المغربية، ورغم الاستفزازات المتكررة خاصة عندما يتعلق الامر بالوحدة الترابية، فالاكيد ومن المرجح أن سحب السفير المغربي من الرياض، قد يكون مرتبطا بخطوات وسياسات عدائية أو تحريضية يجري التحضير لها لابتزاز المغرب وجعله خاضعا وتابعا لسياسات محمد بن سلمان في المنطقة، وهو تصورا خاطئ وسطحي وغير سليم، ويعاكس منطق التاريخ والسياسة والمصالح، لانه يقفز على العلاقة الاستراتيجية والتاريخية التي تربط البلدين، ويضعها على المحك…
في المحصلة، أعتقد أن الحاكم الجديد للسعودية أو من يدور في فلكه، هم في حاجة ماسة الى اعادة قراءة التاريخ، أو محاولة فهم طبيعة العلاقة الاستراتيجية بين السعودية والمغرب بدل هذه الرؤية الضيقة التي تختزل العلاقة وفق تصور تبعي مبتدل..أما المغرب، فهو مطالب بدوره باحتواء هذا الفتور وتفويت الفرصة على عسكر الجزائر الذي يعمل على تأجيج هذه الازمة ومحاولة استغلالها لتوسيع الهوة بين البلدين..

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


47 − = 37