بقلم – المريزق المصطفى
يواصل الملك محمد السادس مبادراته المواطنة و الجريئة، الاستعجالية منها والاستشرافية، لمواجهة تداعيات جائحة كورونا فيروس، انطلاقا من قناعته التامة بخطورة هذا الوباء على المغاربة و على جميع شعوب الدول الشقيقة و دول العالم. فبعد اتخاذ قرارات علنية تاريخية، ودعوة الحكومة لأجرأتها وتنفيذها لحماية الشعب المغرب، أجرى ( الملك محمد السادس) يوم أمس الاثنين 14 أبريل 2020 اتصالات و محادثات مع رئيس جمهورية كوت ديفوار، و رئيس جمهورية السنغال، همت التطور المقلق لجائحة كوفيد – 19، واقتراح إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الإفريقية تروم إرساء إطار عملياتي يهدف مواكبة البلدان الافريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة.
وتأتي هذه المبادرة التي دعا إليها الملك محمد السادس، للتعبير القوي عن القيم المشتركة، الثقافية والروحية المتوارثة بين المغرب والدول الافريقية، بحكم الانتماء الجغرافي، والتاريخ المشترك، والتلاقح الانساني، والدفاع المشترك عن القضايا العادلة. كما تأتي ذات المبادرة، في سياق افتخار المغرب بانتمائه لافريقيا واستعداده لخدمتها من أجل كرامة الافريقيات والافريقيين، ومن أجل تعزيز سبل التعاون جنوب- جنوب لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدد مستقبل إفريقيا والعالم بسبب تفشي وباء كورونا، وسط تحذيرات لمنظمة الصحة العالمية لحكومات القارة السمراء، والتي دعتها من خلالها إلى الاسراع في أخذ التدابير الطبية الاستعجالية لمواجهة ” أسوأ السيناريوهات”.
وانطلاق من ما سبق، يمكن القول أن ما يجمع المغرب بافريقيا، يجب أن يدفع كل الفاعلين المغاربة للإنخراط السريع في المبادرة التى أعلن عنها الملك محمد السادس، للدفاع المشترك عن مصالح قارتنا، والوفاء بعهد النهج التضامني والإنساني الذي عبر عنه المغاربة قاطبة في العديد من المناسبات، في إطار الشرعية الدولية الدفاع المشترك على الوحدة الإفريقية ضد الانقسام والتجزئة.
في إحدى “يومياتنا” وبياناتنا السابقة، كنا قد تمنينا أن تعقد حكومات الدول المغاربية اجتماعا طارئا، لمناقشة واقع مستجدات فيروس كورونا، للتفكير الجماعي في الأنظمة الصحية المعتمدة ودعمها، وفي التنسيق المشترك وتقاسم البيانات الطبية والمعلومات، و الاعلان المشترك عن التضامن بين شعوب بلدانها، وإعادة فتح قنوات الحوار بين الفاعلين المغاربيين ( أحزاب سياسية، نقابات وجمعيات المجتمع المدني). وها نحن نجدد النداء من جديد، لدعوة الجميع للانخراط الأخلاقي والمبدئي والتضامني والفعلي، لتجسيد الوحدة والتماسك مع اخواتنا وإخواننا في إفريقيا العظمى ودول الجوار، من أجل كسب رهان مجرى التاريخ بكل جرأة وشجاعة. إنها مسؤولية جماعية، سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية.
فكل الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات ومنظمات وحركات المجتمع المدني، مطالبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، للخروج من قوقعتها، وترك الصراعات والخلافات الضيقة والحسابات الانتخابية والسياسوية جانبا، والتوجه رأسا لخدمة المسار المشترك بيننا وبين مكونات قارتنا الإفريقية، والدفاع المشترك عن كل القضايا المرتبطة بتداعيات كورونا فيروس، وعلى رأسها، وفي مقدمتها، القضايا المرتبطة بالمناخ والتنمية المستدامة والهجرة.
كما علينا أن ندرك جميعا أن مبادرة الملك محمد السادس، هي رؤية استشرافية، لما يجب أن تسير عليه مجتمعاتنا الإفريقية وهي وعي مبكر بخطورة هذا الوباء على حياتها خاصة أمام ضعف الأنظمة والبنات الصحية في العديد من الدول الصديقة والشقيقة، بالإضافة آلى العديد من الصعوبات التي تحول دون القيام بالكشوفات والتحليلات الطبية الكافية لرصد الإصابات بالفيروس والقيام بحملات الطب التحسيسي و الوقائي، خاصة بالنسبة لبعض دول الساحل وافريقيا الوسطى.
ختاما، إن مبادرة الملك، جاءت في الوقت المناسب، لتعزز التضامن الفعلي الذي دشنه المغرب في الأيام الماضية بإقامة مستشفى ميداني في العاصمة المالية باماكو، لاستقبال المصابين بفيروس كورونا، سيرا على نهج المستشفى العسكري الذي كان قد أقامه كذلك عام 2013.
قم بكتابة اول تعليق