المصطفى دلدو
يعد التحفيز من الأعمدة الأساسية التي تساعد الفرد للسعي به نحو الأمام، من أجل تحقيق أهدافه.. ويلاحظ أن هناك من فشل وتوقف.. وهناك من انتقل إلى مرحلة النجاح بعد فشله.. لأن الفشل ليس عيبا، ولكن العيب حيث بقي الإنسان فاشلا.. والفرق بين هذا وذاك هو الحافز، الذي يقوده حتى نهاية الهدف.. فحبذا لو كان هذا الحافز داخليا! حيث، لا ريب في أن يتابع الفرد طريقه، بكل ثبات، متجاوزا كل العقبات للوصول، بكل تأكيد، إلى أتحقيق أحلامه وتطلّعاته في الحياة، دون الخجل والخوف من الصعاب، فهي لا ترغمه على التوقف..
وباعتبار التحفيز آلة التحريك للأمام، تنتجه عوامل داخلية أو خارجية، أو هما معا لتنشطان الرغبة، وتنميان الدوافع لذى الفرد، لمواصلة عطاءاته الإيجابية في مجمل أنشطته بمختلف مجالاتها، بغية الوصول لأهدافه أو لتحقيق هدف معين على الأقل.. كما أن التحفيز يشحن الفرد بالطاقة والأحاسيس الإيجابية، التي تدفعه لتغيير نظرته التشاؤمية، فتتكون لذيه قناعة أن جميع أهدافه ليست مستحيلة، بل هي قابلة للتحقيق.
إذن، التحفيز ضروري ومهم في حياة الفرد، وخاصة إن كان ذاتيا، لاعتبارات كثيرة تحمل معنى التكريم والتعظيم والتنزيه.. ويرتبط التحفيز بسلوك الفرد، وكل سلوك يحتاج إلى حافز يدفعه للقيام به، وإن لم يحصل ذلك، فإن التوقف عن السلوك يقف عقبة في وجه الفرد، وبالتالي سيسقط في مواجة الفشل..!! والتحفيز الذاتي، بشكل دائم ومستمر وبدون توقف، قد يساعد، بل، يساهم في تكوين شخصية الفرد بشكل قوي ويحمله مسؤولية اتخاذ القرارات الصحيحة، والتفكير في المستقبل من خلال التخطيط الجيد، وما ذلك إلا تمهيد للوصول إلى نتائج مرضية ومبهرة. كما أن التكريم فتعود انطلاقته إلى حين خلق الله الإنسان، وبني آدم، حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (سورة الإسراء:70). والمعنى واضح هنا ولا غبار يرتديه، فالتكريم هو منح الإنسان الكرامة والمكانة اللائقتين به ، ونلمس من خلال ذلك أن هناك تمييزا عن غيره، لاعتبارات منطقية تدل على الكرم والكرامة، كما أن العبرة من التكريم هو تحفيز ومكافأة وتشجيع الشخص المكرم تمهيدا للمزيد من العطاء مع المحافظة على الصفة أو الخاصية للمحتفى به. لأن الطريق نحو التكريم ليس بالهين ، فهي غير معبدة كما يعتقد البعض، وتعتمد على الروافد والمسالك الوعرة، التي لا تخلو من انحرافات ومنعرجات تئن تحت وطأة الشوائب والأحجار، التي تنبت كالفطر هنا وهناك .. وكون التكريم أصبح عادة اعتمدتها المجتمعات على جميع المستويات، الرسمية وغير الرسمية، عبر مختلف أنشطتهم، يظل الإنسان هو المحور الرئيسي فيه، لارتباطه بالمشاعر الإنسانية أكثر من ارتباطه بأي شيء آخر. ويكرم الإنسان على ما قدمه من خدمات طيلة حياته العملية، أو لفترة معينة، بكل حب و إخلاص وتميز، حيت أرسى من خلالها قيماً إنسانية واجتماعية.. أمر ينظر إليه بعين الاعتبار، فيعكس تقدير الآخرين لمجهوداته، مبرزا اهتمامهم به. كما يدفع بمحيطه إلى الاحتفاء بشخصه، ويشعرونه على أنه قيمة مضافة في نظر الآخرين.. ومن أجل البعد الإنساني، ومردودية أكبر، ونتائج طيبة، يريد المجتمع توسيع قاعدة التكريم، واتساع دائراتها، سعيا وراء تطوير فكرة تكريم العاملين أو المبدعين بالشكل الذي يوصل إلى الأهداف، ويحقق الثمار المرجوة منه، ليسهم في نشر ثقافة التكريم بمفهومها العميق، ويشجع على حب العمل، المؤدي إلى السلوك الإيجابي ، وتقديره. كما أن تكريم المميز يعد عبرة لزملائه، لتحريك المنافسة الجادة والشريفة. وعلى ضوء ذلك تشرفت جمعية قدماء القسم الداخلي التي تسلمت شهادة ميلادها قبل شهرين، بشراكة مع ثانوية عمر بن عبد العزيزي التأهيلية، ابتداء من زوال يوم الأحد 23 فبراير 2020، بحضور ممثل باشا مدينة الزمامرة، وخريجي القسم المذكور سلفا، والصحافة المحلية والجهوية والوطنية، وعدد من المدعويين، (تشرفت) بتكريم ثممانية فعاليات، باعتبارها من أهل العطاء والوفاء، والحضور القوي: أربعة حراس عامون بالقسم ذاته، السادة: أحمد إذ سعيد، وأحمد لخيار، وعبد النبي النويري، والمصطفى الرحيوي، وهذا الأخير لا زال يمارس نشاطه بالقسم الداخلي، بينما الثلاثة الآخرين أحيلوا على التقاعد، وكذا العون التقني المتقاعد السيد محمد البخاري، والمقتصد الحالي السيد عبد الحق بحر، ورئيسة قسم حفظ الصحة بالمجلس البلدي بالزمامرة الدكتورة كلثوم بلماحي، بالإضافة إلى الحاجة أمينة منتصر والدة أحد قدماء تلاميذ القسم الداخلي. وعقب آيات من الذكر الحكيم لأحد تلاميذة القسم الداخلي، والنشيد الوطني، استهل رئيس جمعية قدماء القسم الداخلي، السيد اللبان عبد الكبير كلمته بالوفاء والعرفان، تقديرا لمسيرة أصحاب القلب الطيب والابتسامة في وجه المقيمين والمقيمات بالقسم ذاته، وأشار إلى الحلم الذي توج بمولود جديد، بعد أن راود أفراد قدماء القسم الداخلي، كما اعتبر هذا اليوم يوما مشهودا وتأريخيا، وأشار أيضا إلى أن للجمعية برامج ومخططات.. ما يجعلها ذي رغبة وطموح قريبين من هذا القسم الداخلي المتيز.. “إنه يوم مشهود وتاريخي” بهذه الكلمة، التي اختزلت بين طياتها تلك العلاقة المثينة بين “ذات يوم ” / الأمس القريب و”اليوم ” / النشاط الحالي، انطلقت افتتاحية جمعية قدماء القسم الداخلي بثانوية عمر بن عبد العزيز بالزمامرة.. وهذا لم يأت من فراغ، بل، هو اختمار فكرة راودت قدماء/ أهل “ذات يوم” بهذا القسم، الذي أنجب طاقات، هي اليوم تساهم إلى جانب أبناء هذا الوطن بطموحاتها، وأفكارها وعطاءاتها.. من أجل العناية والحفاظ وحتى بلورة هندسته، لما لا، ما دام أنه يضم بين بأحشائه مواهب وطاقات، قد تحمل شعلة الغذ بهذا الوطن العزيز، في إطار دوام واستمرار القسم الداخلي؟ نحن اليوم بين “ذات يوم” و”اليوم”، نحن اليوم بين “الذاكرة” و”الطموح”، نحن اليوم بين “جيل الكتاب ” و “جيل الأنترنيت”.. فعلى أهل هذا القسم الداخلي، الذي ضم بين جدرانه العديد من المقيمين والمقيمات أن يعتبروه معلمة التأريخية، على أساس يعد خطا رابطا بين “ذات يوم” و”اليوم”. ومن خلال كلمته ، اعتبر المقتصد الأستاذ عبد الحق بحر أن دور هذا القسم، الذي يمد مكونات هذه المؤسسة التربوية بكل التوجيهات الضرورية، والعفوية في التعامل، التي لا تنضب، مع إشراك كل الفعاليات إلى جانب المقيمين والمقيمات.. وعلى ضوء ذلك تم تتويج أربعة عشرمتفوقة (إناث) ومتفوق واحد (ذكر) بالقسم الداخلي على اعتبار أنهم سيحملون المشعل يوما ما وسيدخلون مرورهم بهذا المكان خانة ” ذات يوم”. كما تخلل هذا الحفل بين الفينة والأخرى لوحات غنائية ومسرحية واسكيتشات هزلية، كما جادت قريحة إحدى المقيمات بقصيدة شعرية..
قم بكتابة اول تعليق