بقلم – منير الهدهودي
“الضريبة هي نسبة من انتاج الارض أو الصناعة لدولة ما. و توضع رهن اشارة الدولة, و هذه الضريبة تؤدى سواء من رأسمال أو دخل الدولة العام” من تعريف ريكاردو للضريبة في كتابه ” مبادئ الاقتصاد السياسي و الضرائب”. الضريبة أو المداخيل الجبائية هي من بين الوسائل لتمويل خزينة الدولة لمواجهة الانفاق العمومي، و هذا الاخير يجب أن يستفيد منه بشكل عادل، كل فئات المجتمع على حسب حاجتها. حيث أن المبدأ الاساسي الذي يعتمده الجميع السياسة الضريبية هو مبدأ الانصاف الضريبي، الذي اتخدته المناظرة الوطنية حول الجبايات شعارا لها. بالرغم أن ترجمة الشعار من الفرنسية للعربية لم تكن متطابقة، اذ أن شعار المناظرة بالفرنسية هو ” الانصاف الضريبي” في حين اتخذت الترجمة العربية تعبير “العدالة الضريبية”. و شتان بين مفهومي العدالة و الانصاف. الانصاف الضريبي هو مبدأ يعتمد على المناصفة في فرض نسب الاقتطاع الضريبي حسب الدخل. اما العدالة الضريبية في هي بالاضافة للانصاف في الاقتطاعات الضريبية على الدخل توفر الانصاف و العدالة في الاستفادة من الانفاقالعمومي. أي أن العدالة الضريبية ما هي الا أحد التعابير عن العدالة الاجتماعية. و في غياب عدالة اجتماعية هل يستقيم النقاش حول العدالة الضريبية؟ و بتعبير اخر ماذا يستفيد الملزم من أدائه للواجبات الضريبية؟حيث لا يعقل أن يستفيد من من أموال دافعي الضرائب ، على شكل معونات و مساعدات، فئات منتجة للدخل و لا تساهم بشيء في ميزانية الدولة ( القطاع الفلاحي على سبيل المثال). فهذا من بين العديد من الأمثلة على غياب عدالة ضريبية، و لا حتى انصاف ضريبي.
ان الواقع الاقتصادي للفئات الصغيرة و المتوسطة من المجتمع، و التي كانت موضوعا أساسيا في نقاش أصحاب المناظرة. و نخص بالذكر هنا المهنيين و المقاولات الصغرى. أصبحت غنيمة سهلة للوبيات القروض. حيث أثقل كاهلها بالديون، سواء قروض السكن أو قروض السيارات. و استعبادهم في أيام عملهم المستقبلية، عبر الاقتطاعات الشهرية لأداء الديون التى لا تكاد أن تنتهي. و ما زاد من سوء الواقع هو تغير العادات الاستهلاكية لهذه الفئات عبر العديد من الوسائل كان للاعلام و شبكات التواصل الاجتماعى الدور الرئيسي في هذا التغير، و كذلك الزيادة الطفيفة في قدرتها الشرائية. و مما زاد من اثقال كاهل الانفاق لهذه الفئات تملص الدولة من الخدمات الاجتماعية الاساسية، التي تشكل التعليم و الصحة عمودها الفقري، و مؤشر أساسي عن مستوى العدالة الاجتماعية.هذه العادات الاستهلاكية الجديدة التي شملت حتى الخدمات الاجتماعية الأساسية للدولة أصبحت تتحملها هذه الفئات التي أصبحت سوقا للرأسمال الجديد بالمغرب، مما شكل لها عبىء اضافي في النفقات لا تستطيع مسايرته في ظل واقع اقتصادي و اجتماعي مأزوم. و هناك عامل آخر في الهجوم على هاته الفئات الصغيرة و المتوسطة، مستوى وعييها السياسي و قدرتها على قيادة الحركات الاجتماعية المطالبة بالتغيير..
يتبع..
قم بكتابة اول تعليق