مسيرات الجزائر ترفض “حُكم العسكر” وتطالب برحيل قائد الجيش

تظاهر الجزائريون بأعداد كبيرة في يوم الجمعة الحادي عشر على التوالي وقبل أيام من شهر رمضان، تعبيرا عن تصميمهم على مواصلة حركة الاحتجاج، التي بدأت في 22 فبراير الماضي، خلال شهر الصوم.

ومع صعوبة تحديد أعداد المشاركين في غياب أرقام رسمية، بدا التحرك كثيفاً مع بعض التراجع في هذا اليوم الممطر، تحت سماء مكفهرة، وفق صحافيي فرانس برس.

وغصت الساحة أمام مبنى البريد الكبير، نقطة التجمع الرئيسية، بالوجوه مثل كل جمعة وامتد الموكب على عدة كيلومترات على طول شارع رئيسي متفرع منها؛ في حين استمرت حركة تدفق المتظاهرين باتجاه وسط العاصمة من أحياء أخرى.

كما سارت تظاهرات في مدن أخرى في البلاد، بينها وهران وقسنطينة وعنابة وهي المدن الثانية والثالثة والرابعة في البلاد، بحسب صحافيين محليين أو سكان.

في منطقة القبائل، شرق العاصمة، سارت تظاهرات في تيزي وزو والبويرة، وفقا لصحافي محلي وكذلك في بجاية، بحسب مواقع التواصل الاجتماعي.

وركزت شعارات تظاهرة الجمعة على الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش، الذي ظل وفياً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى استقالته قبل شهر .

وهتف المتظاهرون: “قايد صالح، ارحل!”. وكتب على بعض اللافتات: “لا للحكم العسكري”.

وبات المتظاهرون يطالبون برحيل قائد الجيش، بعد تأكيده أسبوعاً بعد آخر تأييده العملية الانتقالية الجارية والبقاء في الإطار الدستوري وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليوز.

كسب الوقت

ويطالب المتظاهرون كذلك بتنحي الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي؛ وهما من رجال النظام السابق، ولم يدليا بأي تصريحات منذ أسابيع.

ومنذ أن أصبح رئيس الأركان الرجل القوي في الدولة بحكم الأمر الواقع، بات يطلق التصريحات والخطابات بشكل منتظم عكس رئيس الدولة ورئيس الوزراء.

وخلال الأسبوع، أطلق تصريحين؛ فاستبعد الثلاثاء أي حل للأزمة “خارج الدستور”، ودعا الأربعاء الأحزاب والشخصيات إلى الحوار مع مؤسسات الدولة القائمة وحذر من الانجرار إلى العنف.

ورد عبد الوهاب فرساوي، رئيس الجمعية الوطنية للشباب، على ذلك بقوله إن “الحوار لا يمكن أن يجري مع رموز النظام الذين يمسكون بالسلطة”، في حديث مع موقع “ت س أ” الإخباري.

وأضاف: “لا يمكن إجراء حوار مع بن صالح ولا مع بدوي ولا مع من كانوا مسؤولين عن الوضع الحالي”. وقال إن النظام يواصل “المناورة لكسب الوقت” و”لم يعط أي إشارة حسن نية للاستجابة للمطالب الواضحة والمشروعة” للحراك.

أما حزب طلائع الحريات بقيادة علي بن فليس، الذي ترشح مرتين ضد بوتفليقة، فاعتبر أن الحوار المنشود “یقتضى مخاطبین (من) ذوي المصداقیة والثقة”. وأوضح أن المأزق الحاصل “سببه تباعد صریح بین مسار مبني على أساس تطبیق حرفي للدستور والمطالب المشروعة المعبر عنھا من طرف الثورة الدیمقراطیة السلمیة”.

في المقابل، رفض حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض رفضا قاطعا تدخل رئيس الأركان “في الشؤون السياسية للبلاد”، مؤكدا أن الشعب “لا يثق” بخطاباته ووعوده.

واعتبر المحامي مصطفى بوشاشي، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، الخميس، أن الاحتجاجات وصلت إلى “مرحلة حاسمة”، داعيا الشعب إلى مواصلة مسيراته السلمية للوصول إلى “التغيير الحقيقي”.

وبعد شهر واحد من استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل تحت ضغط الشارع وتخلي الجيش عنه بعد 20 عاما في الحكم، لم تضعف الحركة الاحتجاجية؛ لكنها لم تحقق أي مطالب أخرى غير هذه الاستقالة.

وما زال المحتجون يطالبون برحيل “النظام” الحاكم بكل رموزه، ويرفضون أن يتولى مقربون من رئيس الدولة السابق إدارة المرحلة الانتقالية أو تنظيم انتخابات الرئاسة لاختيار خليفته.

وقال حميد بنمحب، وهو تاجر في الخامسة والخمسين من عمره جاء من جيجل على بعد 350 كلم من العاصمة: “سنواصل التظاهر حتى يرحل كل رجال بوتفليقة”.

وقال أمين الطالب، ابن الثانية والعشرين من تيزي وزو على بعد 100 كلم، “نرفض هذا النظام. يجب أن يرحل. هذه الحكومة لا يمكنها أن تقود المرحلة الانتقالية”، بعد أن أمضى الليل لدى أصدقائه لتفادي الحواجز التي تقام كل جمعة على مداخل العاصمة.

ولا يبدو أي طرف مستعدا للتراجع عن موقفه، ويرى مراقبون أن الحكم يراهن على تراجع الحراك خلال رمضان؛ لكن الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدؤوا من الآن ينشرون شعار “لن نتوقف في رمضان”، ودعوا إلى التفكير في أشكال جديدة للاحتجاج كالتجمعات الليلية وفتح ورش عمل حول الاقتراحات للخروج من الأزمة.

وسيكون الاختبار الأول لمدى استمرار التعبئة لدى الجزائريين، يوم الثلاثاء، بمناسبة المسيرات الأسبوعية التي اعتاد طلاب الجامعات على تنظيمها في كل أنحاء البلاد.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


69 + = 78