بقلم – حفيظ زرزان
احتوت نيوزيلاندا بحنكة، بجهاز حكمها “الديمقراطي”، أزمة إرهابية اندلعت ببلادها، حيث استهدف مسجدان. مسجد النور في وسط المدينة حيث قتل 41 شخصاً، بحسب تصريحات رسمية، ومسجد آخر في ضاحية لينوود حيث قتل 7 أشخاص. وقضى شخص متأثراً بجروحه في المستشفى، ونقل حوالى 50 مصاباً إلى المستشفيات، حالات 20 منهم خطرة، بحسب رئيسة الوزراء. وبين القتلى نساء وأطفال. والحصيلة النهائية بعدما انضافت الحالات الخطيرة هي 50 شهيدا رحمهم الله.
نيوزيلاندا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، 1% فقط منهم مسلمون، ورغم هذا رأينا تعبئة شاملة تنتصر للأقلية المسلمة وتتضامن وتضمن حقها وتندد وتتحرك وتتواصل ولا تتسامح مع القاتل مقابل ضعف عربي وغربي كبير وواضح وفاضح، يشرح أشياء كثيرة، ويذكرنا كيف تثار النعرات والحملات لو تعلق الأمر بأصول عربية مسلمة. سننفذ ما قالته رئيسة الوزراء بأن نتجاهل القاتل، ولن نمنحه اسما ولا شهرة كما كان يخطط ويريد، بحسب تحليل أجهزتها، ونركز على الضحايا الخمسين وأسرهم، ويا لحزنهم ونواحهم وتفتت أكبادهم على من فقدوا.
وسنظل نقول للإنسانية المتسامحة التي لا تقتل، ما نطق به بسذاجة وبراءة، الذي استقبل القاتل عند مدخل المسجد ولم ينتبه لرشاشه: hello brother!
أخي في الإنسانية الذي يستحق قسطا وبرا، ويسمع كلام الله ويبلغ مأمنه، كما قال كتاب الله العزيز:” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8).
وقوله سبحانه:” وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6)
نعم، لا يعلمون حقيقة الإسلام وما يحمله للإنسانية من قيم، وسلام وأمان وعدل وتسامح.
توحد الشعب النيوزيلاندي حاميا بلاده من “وصمة” عار قد تلحقه وتهدد سياحته وسمعته ومكتسباته وتهدد استقرار الجاليات به، خاصة أنه يوجد بنقطة بعيدة. ما الذي سيشجع المرء بعدها للتوجه إليها وصرف أموال ليقتل في حديقة أو مسجد أو كنيسة على يد “مريض معتوه وإرهابي مجرم أو سمه ما شئت؟
والأخطر أنه وضع بيانه الطويل على الفيسبوك، ولم يتحرك أحد، ولم يبلغ أحد، وتم نقل البث المباشر 15 دقيقة وهو ما يفتح السؤال حول الأجهزة هناك، وهذه الشركة الزرقاء الشقراء الأمريكية، ومن يحاسب ويراقب ويعاقب مارك وأصحابه فيما يفعلون وما يتبعون من سياسات نشر لا إنسانية، بل صارت تجارية محضة تلهث وراء الأرباح والإشهار؟
جهاز حكم ديمقراطي أحسن التصرف والتواصل وقت الأزمة والشدة، تصدرت فيه رئيسة وزراء الصورة بتحركاتها، وبإنسانية شعبها، حيث رأينا حملة حجاب، وصلاة جماعية يوم الجمعة ورفع الأذان وقراءة القرآن بالبرلمان، وكلها مشاهد تسامح وتعايش لا بد التنويه بها، حيث تم ضرب المثال، في قبول التنوع وفسح وفتح المجال لكل الناس للسلام الحقيقي ولم تجد النساء حرجا في ارتداء رمز تضامني على طريقتهم.
من جهة أخرى لا يجب أن يدفعنا الانبهار أن ننسى خطورة الجريمة وأبعادها، ولا يجب أن نتسامح مع هذا الفعل وننساق مع الموجة المنجزة بإتقان عربيا وغربيا ودوليا وأمميا. ولابد أن نتيقظ ونتحرك كي لا تعاد ولا تمر الأمور هكذا. وأول الأمور معالجة الأزمة من جذورها تربية ثم تربية ثم تربية، ومعها ووسطها صرامة مؤسسات وأجهزة القانون.
السؤال: هل كان المسلمون، كما فعل النيوزيلنديون أن يذهبوا للقداس ويحضروا الكنيسة أو المعبد اليهودي او أي تحرك تضامني رمزي، متضامنين مع ديانات أخرى لو تعرضت لنفس الجريمة والمجرزة؟
أم هو انتظار إشارة الحاكم وفتوى؟
الفارق بين هذه المجزرة الإرهابية وما سبق من حوادث سواء تورط فيها مغرر بهم أو مجرمون أن العرب والغرب شكلوا الاستثناء، حيث لم نر لا مسيرة ولا تحركا ولا رد فعل يوازي ما وقع في مرات سابقة، ولعل وسائل إعلام عربية استفاضت في هذه المقارنة وأوضحت، والأخطر من هذا هو كيف حولت وسائل إعلام غربية القاتل إلى ولد بريء يتحول إلى قاتل متأثرا ومدمنا على ألعاب الفيديو !
تجاهلوا جميعهم الضحايا الخمسين الذين قضوا بشكل رهيب، وجعلوا يبيضون ويبررون سيرة الإرهابي ويبحثون له عن ذرائع وأسباب.
وقبل هذا، لا ننسى خطابات الكراهية والتمييز والكره والحقد والحملات التي تشنها ماكينة إعلامية ضخمة تشيطن المسلمين ومعتقداتهم التي انطلقت بعد 11 شتنبر واستمرت تحت مسمى “الإرهاب”، حيث ارتكبت فظائع وجرائم وانتهاكات بالسجون الغربية والعربية التابعة للاستخبارات.
قم بكتابة اول تعليق