الري الموضعي بالحكاكشة .. ضرب ثلاث عصافير بحجر واحد


أشجار البرتقال و التفاح و الزيتون، و خضراوات من مختلف الأصناف، مشهد زراعي اصبح غير مألوف بالنسبة للذين تعودوا العبور عبر الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين مدينتي اسفي و الجديدة، و على وجه التحديد جماعة الحكاكشة التي لا تبعد عن مدينة الزمامرة سوى بــ15كلم جنوبا.
سنحاول من خلال هذا الربورتاج رصد التحول الفلاحي الذي عرفته جماعة الحكاكشة من خلال شهادات و آراء مختصين في المجال الفلاحي و انظمة السقي بالتنقيط.


«ثورة فلاحية» بدكالة


اعتبر عبد العالم لگَمير، رئيس جمعية الخير لمستعملي المياه لأغراض فلاحية بجماعة الحكاكشة” أن هذا المشهد الزراعي الفريد هو ثمرة لمشروع مشترك بين الوكالة اليابانية للتعاون الدولي و المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدكالة و جمعية الخير لمستعملي المياه لأغراض السقي بالحكاكشة، حيث مكن المشروع من تحويل مساحة 180 هكتار من نظام السقي بالغمر الى نظام السقي بالتنقيط بدعم ياباني بمبلغ إجمالي قدره 56 مليون درهم”. وقد وصف بعض فلاحي المنطقة، هذا التحول الفلاحي بمثابة «ثورة فلاحية» بمنطقة دكالة؛ التي ظلت لزمن بعيد تختص في بعض المنتوجات الفلاحية التقليدية كالشمندر السكري و القمح و الذرة، اضافة الى بعض المزروعات العلفية.

اعادة مياه القرابة الى مجاريها


فيما يخص الانعكاسات الاجتماعية لنظام الري بالتنقيط، على فلاحي منطقة الحكاكشة، يقول عبد العالم لگَمير، رئيس جمعية الخير لمستعملي المياه لأغراض فلاحية، “أن السقي بالتنقيط، شكل عاملا أساسيا لدفع أبناء الفلاحين الدكاليين إلى الالتحاق بمراكز التكوين المهني، ليتمكنوا من استعمال هدا النوع من السقي استعمالا رشيدا.” و اضاف ان هذه التتقنية ساهمت في تقليص نسبة الأمية و الهدر المدرسي، كما ذكر أن” أبناء المنطقة أصبحوا قادرين على إتمام دراساتهم بشكل عادي على عكس السقي التقليدي الذي كان يفرض عليهم الانقطاع عن الدراسة بسبب مساعدة آبائهم في عمليات السقي التي كانت تستغرق فترات طويلة و عناء أكثر”.
كما أكد رئيس جمعية الخير أن ساكنة الجماعة عرفت قفزة نوعية اثر استفادتها من السقي الموضعي الذي ساهم في ارتفاع نسبة الدخل الفردي للفلاح، و ذلك من خلال تقليص تكلفة الإنتاج بنسبة 20% مقارنة مع السقي بالغمر و بالتالي ارتقاء مستوى عيش الفلاح.
و في نفس السياق, أكدت الأستاذة و الباحثة المتخصصة في مجال التنمية الفلاحية سعاد المختاري أن استعمال الفلاح نظام الري الموضعي انعكس إيجابا على العلاقات بين الفلاحين، التي أصبحت خالية من النزاعات و المشادات و السرقة, على خلاف ماكانت عليه في زمن الري التقليدي بسبب الصراع حول الحصص الزمنية و القدر المخصص لكل فلاح من الماء.
كما اكدت الاستاذة الباحثة على أن “المرأة القروية أصبحت أكثر اهتماما بأسرتها و منزلها و حريصة على تربية أبنائها, و أن الفتاة البدوية لم تعد مضطرة لترك الدراسة مقابل القيام بعمليات الطهي الشاقة و المكلفة للساهرين على عمليات السقي.” و بالتالي عرف مستوى عيش الأسر في ظل نظام السقي بالغمر تحسننا مقارنة مع السابق.


الرفع من المردودية وادخال مزروعات جديدة


أما بالنسبة للانعكاسات الاقتصادية لمشروع نظام السقي بالتنقيط فيقول، عبد العالم لگَمير، انه”مكن فلاحي المنطقة من تنويع الزراعات عبر إدخال مزروعات جديدة ( اللفت، البرتقال، الطماطم، البطاطس، الذرة…) الى زراعاتهم، فضلا عن الرفع من مداخيل الفلاحين بفعل ارتفاع المردودية، و في هذا السياق، يضيف خالد العلوي المستشار الزراعي بمنطقة الزمامرة، ان مردودية منتوج الشمندر السكري انتقلت من 80 الى 130 طن/هكتار، و زراعة الحبوب انتقلت من 60 الى 80 طن/هــ”، و يواصل المتحدث نفسه” ان نظام السقي بالتنقيط يساهم في تخفيض كلفة الإنتاج، بحيث يمكن لشخص واحد أن يقوم بتسيير استغلالية فلاحية ذات مساحة شاسعة، كما مكن الفلاح من الاستغناء عن اليد العاملة في عملتي تسميد التربة او رش المبيدات، لانه اصبح مع نظام السقي الجديد يقوم بتمريرها عبر انابيب السقي، لتستهدف جذور النباتات، عكس ما كان يقوم به الفلاح عندما كان يعتمد على تقنية السقي بالغمر، حيث كان يضطر إلى تشغيل العمال بأثمنة مرتفعة للقيام بهذه المهمة، مما كان يساهم في ارتفاع تكلفة الإنتاج و نقص هامش الربح.


تقنية صديقة للبيئة


اما فيما يتعلق بالأهمية البيئية لنظام السقي بالري يوضح حسن العلوي، و هو مهندس زراعي و رئيس مكتب التوزيع بالمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي بالزمامرة، على أن تقنية الري الموضعي تقنية صديقة للبيئية و فعالة، موضحا على أن بفضل هذه التقنية يتم تزويد المنتوجات الزراعية بالماء حسب حاجياتها، مؤكدا على ان نظام السقي بالتنقيط يحمي التربة من التعرية، عكس نظام السقي بالغمر الذي يؤدي الى افقار التربة من المواد الخصبة، و يقوم بنقلها بواسطة المياه الزائدة خارج الحقل، كما ان هذه التقنية تسمح بوصول الماء يصل الى جدور النباتات والى أعماق التربة دون ان يتعرض للتبخر، إضافة الى توزيعه وفق حاجيات كل صنف من المنتوجات الزراعية.
و يضيف المهندس الزراعي خالد العلوي ان تقنية الري بالتنقيط تساهم في ترشيد استعمال المياه، و أوضح على ان كفاءة السقي بالاعتماد على نظام الري بالتنقيط تصل إلى 90%، عكس نظام السقي بالغمر و التي تصل إلى 60%، و هذا الاقتصاد في المياه يجعله الفلاح يستفيد من السقي طول السنة، عكس انه كان يستفيد في اطار السقي بالغمر، فقط منذ بداية زراعة الشمندر السكري الى فترة الجني.
وتحسين الانتاج وجاء كدلك على تصريحه بأنه يساهم بنسبة كبيرة في ضبط توزيع الاسمدة الكيميائية عتى النباتات بطريقة منظمة وغير عشوائية كما جرى على لسان السيد عبد العالم كمير رئيس جمعية الخير بضيعة الحكاكشة أن هدا الري يلعب دور كبير وهام عتى مستوى تحسين الظروف البيئية.

و هكذا مكن نظام السقي بالتنقيط من ضرب ثلاث عصافير بحجر واحد، حيث ساهم في الرفع من مردودية المنتوجات الفلاحية و تخفيض كلفة الإنتاج على المستوى الاقتصادي، اما على المستوى الاجتماعي فقد ساهم في تحسين مستوى عيش الفلاحين بشكل ملحوظ ثم الحد من الهدر المدرسي و تحسين العلاقات الاجتماعية بين المزارعين، اما انعكاساته البيئية فهي تتجلى في الاقتصاد على الماء وحماية الفرشة الباطنية من التلوث بالإضافة الى ضمان استدامة جودة التربة، و في ظل الأهمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية لنظام السقي بالتنقيط الى أي حد يمكن تعميمها على باقي المجال السقوي بدكالة .

(اعداد التلميــذات: امينة امهــــاب – غزلان بلعامــــري- نادية التويـــــرسي – زينب الوادي )

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


+ 86 = 96