(تحقيق صحفي حول/ الزراعة المجالية بإقليم المضيق وإشكالات انعكاساتها التنموية)
هنا بمدينة المضيق .. ابتداءا من الساعة السابعة صباحا في “عقبة العليين” أو “تحت السكة” أو في إحدى زقاقات المدينة، حيث تأتي المزارعات والمزارعين في الصباح الباكر (من جماعتي: الملاليين بإقليم تطوان والعليين بإقليم المضيق) لبيع منتوجاتهم الزراعية المجالية “bio” (الخضر والثمار) أو الحيوانية (البيض والألبان)، تسكن في وجوههم معالم الأسى وتلوح من أعينهم بارقة رجاء وأمل، هي أسئلة شتى تستفز وجداننا حول هيئتهن(هم) المستعدة للفرار في أية لحظة زمنية من هول التدخلات الدورية الوخيمة لرجال القوات المساعدة تحت ذريعة إخلاء احتلال الملك العام وإجبار الباعة على بيع منتجاتهم في سوق بعيد عن مركز المدينة لا يرتاده في الغالب إلا الفقراء!!! … الفرار ديدنهن(هم) من زقاق إلى آخر مع الحرص على سلامة المنتوجات، فلا معنى للعودة إلى البيت دون مورد رزق البيو “bio” المغربي …. المورد الغني قيمة الفقير نقدا ….
وأثناء عملية الإجلاء تسود عبارات مستفزة تُحِيلُ بالضرورة إلى الواقع المؤلم والصعب الذي يعيشه هؤلاء الباعة المزارعين: (يالاه ألشريفة جماع هاد الشي …. منانة ها صحاب الحال جايين … أراسي أنا ….الخ)
لفهم أعمق وأدق لوضعيتهم الاجتماعية اتصلنا فرادى بمجموعة منهن(هم) تتراوح أعمارهم ما بين 30 و60 سنة، وأجرينا معهم حوارات تناولت حالتهم المدنية ونوعية الأرض التي يزرعونها وأنواع المنتوجات المجالية التي يقومون بزراعتها وتسويقها، وطريقة السقي، ونوعية الدخل، ووضعيتهم الصحية وطرق تسويق منتجاتهم
وبتجميعنا للمعلومات المنبثقة من هذه الحوارات خلصنا إلى نتائج كثيرة أهمها:
• المستوى التعليمي: أغلب المستجوبين مستواهم التعليمي متدني أو منعدم، الشيء الذي يفسر ما عجبنا له من عدم توفر 90% من المستجوبين على بطاقة راميد أو انتظامهم في إطار قانوني يحفظ مصالحهم كالتعاونية أو الجمعية…
• ملكية الأراضي المزروعة: أغلب المستجوبين يملكون الأراضي التي يزرعونها على صغر مساحتها في الغالب (وهو ما يوافق الإحصائيات الواردة في وثائق المندوبية السامية للتخطيط إذ أوردت أن المناطق الفلاحية بإقليم المضيق الفنيدق تصل مساحتها إلى 5450 هكتار، 4648 منها هي في ملك الخواص)
• طريقة السقي: أغلب المستجوبين يعتمدون على التساقطات المطرية، وبعضهم استفاد من دعم الدولة في حفر الآبار، أو الحصول على محركات تستعمل في السقي من الآبار أو الوديان (وهذا ما يوافق معطيات مونوغرافيا إقليم المضيق لسنة 2018م إذ أوردت أن نسبة الأراضي المسقية بالإقليم لا تتجاوز 18.4% والباقي أراضي بورية تعتمد أساسا على التساقطات المطرية)
• الدخل: متذبذب لكنه لا يكفي إطلاقا لمستلزمات العيش الكريم…
• المشاكل: جزء متعلق بالإنتاج الزراعي وخاصة الآليات الكفيلة بحل إشكالية السقي، والجزء الآخر متعلق بالبيع وخاصة إشكالية توفير الأسواق الملائمة بدل الوقوع ضحية الوسيط التجاري التقليدي (السْبَايْبِي)
لا شك أن مجال تسويق المنتوجات المجالية حقق فيه المغرب نتائج إيجابية، إذ منح الاتحاد الأوربي شهادة الاعتراف بجودة هذه المنتوجات، الشيء الذي سمح لها بولوج السوق الأوربية والشرق الأوسط بسهولة أكثر. ووقع المغرب مع الاتحاد الأوربي اتفاقية للاعتراف بجودة المنتوجات المغربية، خاصة المنتوجات المجالية. كل هذا جعلنا نتصل ببعض المسؤولين الإقليميين لمعرفة نتائج هذه الحوارات وكذلك أسباب التقهقر التنموي لتسويق المنتوجات المجالية بمنطقة المضيق.
في البداية اتصلنا بالقسم الاقتصادي لعمالتي المضيق وتطوان، وكذا بالمديرية الإقليمية للفلاحة بتطوان (تسير المجال الفلاحي بإقليمي تطوان والمضيق)، فزودنا الموظفون بالكثير من المعلومات والمعطيات الاقتصادية المتربطة بالإقليمين، وبالنسبة للمنتوجات المجالية فتُقًسمُ وفق الوثائق الرسمية لقسمين، المتعلق بإقليم المضيق منها الآتي:
1- الزراعات المجالية المعيشية في إقليم المضيق الفنيدق:
الزراعات المجالية المعيشية تمتد على مساحة 905 هكتار بنسبة 16.60% من الأراضي الفلاحية بالإقليم، بإنتاج يصل ل 14555 قنطار. وقد عملنا على جدولة المزروعات المجالية وفق الآتي -بناء على المعطيات الرسمية التي حصلنا عليها-:
الزراعة المساحة (بالهكتار) الإنتاج(بالقنطار) الإنتاجية(القنطار/الهكتار)
الطماطم 250 (27.62%) 6250 (42.94%) 25.0
البطاطس 150 (16.57%) 2400 (16.48%) 16.0
البصل 50 (05.52%) 850 (05.83%) 17.0
الجزر 25 (02.76%) 250 (01.71%) 10.0
اللفت 25 (02.76%) 250 (01.71%) 10.0
الفاصوليا الخضراء 20 (02.20%) 200 (01.37%) 10.0
الجلبانة 70 (07.73%) 455 (03.12%) 06.5
الفول 50 (05.51%) 400 (02.74%) 08.0
البطيخ 10 (01.10%) 220 (01.51%) 22.0
الدلاح 10 (01.10%) 220 (01.51%) 22.0
القرع الأخضر 30 (03.30%) 180 (01.23%) 06.0
الخيار 10 (01.10%) 220 (01.51%) 22.0
اخر 205 (22.65%) 2660 (18.27%) 13.0
المجموع 905 (100%) 14555 (100%) 16.1
2- الأشجار المثمرة:
الزراعات الشجرية تمتد على مساحة 1678 هكتار، بإنتاج يصل ل 24890 قنطار من الثمار. وقد عملنا على جدولة الثمار المجالية وفق الآتي -بناء على المعطيات الرسمية التي حصلنا عليها-:
الثمار المساحة (بالهكتار) الإنتاج(بالقنطار) الإنتاجية(القنطار/الهكتار)
أشجار الزيتون 620 (36.94%) 3750 (15.06%) 06.04
أشجار التين 193 (11.50%) 7520 (61.68%) 38.96
أشجار اللوز 26 (01.54%) 160 (00.64%) 06.15
الحوامض 5 (00.29%) 760 (03.05%) 152.0
أشجار المشمش 18 (01.07%) 510 (02.04%) 28.33
مختلف 816 (48.62%) 12190 (48.97%) 14.93
مجموع الزراعات الشجرية 1678 (100%) 24890 (100%) 14.83
بعد تشخيص الوضع المحلي والحصول على المعطيات السالفة اتصلنا يومه 07 فبراير 2019م برئيس الجماعة الترابية بمدينة المضيق المحترم البرلماني أحمد المرابط السوسي، وكذا مجموعة من مسؤولي وموظفي الجماعة، فتواصلوا معنا بشكل راقي حول الموضوع. صرح السيد الرئيس بأن التدخلات التي تهم إخلاء الملك العام للأسف، لا تفرق بين الأصيل (باعة المنتوجات المجالية) والدخيل (الباعة المتجولين) وأن الجماعة تحتاج إلى تشخيص دقيق وبياني حول هذا التراث الغدائي بالمنطقة -خاصة وقيمته الغدائية الصحية- حتى تعمل على حل بعض الإشكالات المرتبطة بتوفير أماكن خاصة ببيع المنتوجات المجالية، مثل ما هو معمول به بمدينة تطوان أو شفشاون التي استطاعت أن تسجل منتوجاتها المجالية ضمن التراث العالمي. كما أشار إلى توفير الجماعة لركن خاص ببيع هذه المنتوجات المجالية بالسوق المركزي للمدينة، وإلى استعداده للانخراط في كافة المبادرات التي تهدف إلى الرقي بالوضع العام للمزارع(ة) المجالي.
انتقلنا بعد ذلك مرة أخرى إلى مقر عمالة المضيق ومنها إلى مقر عمالة تطوان وجهتنا قسمي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فاستفسرنا المسؤولين عن مدى إسهام المبادرة في الرقي بالزراعة المجالية، وللأسف لم نجد أي مشروع تم إنجازه في هذا السياق، وجدنا الكثير من المشاريع التي همت الجوانب المرتبطة بالخدمات الاجتماعية للمزارعين المجاليين كتوفير النقل المدرسي ومشاريع أخرى مدرة للدخل كتربية النحل ونحو ذلك ..
وحسب وجهة نظرنا فلا يمكن الرقي بالجانب التنموي للزراعة المجالية بإقليم المضيق (وبجماعة الملاليين بتطوان) إلا بالعمل على إنماء الثقافة المعاصرة للتدبير والتسيير الفلاحي القائمة على تطوير آليات التسويق بما يكفل تنمية الموارد المالية للمنتوج الفلاحي، ولا يستقيم ذلك في نظرنا إلا بالعمل على إدراج دورات تكوينية للمزارعين في مجالات العمل النظري حول كيفية تأسيس الجمعيات والتعاونيات المختصة، وفي مجالات العمل التطبيقي حول كيفية هندسة دورة حياة مشاريعهم القائمة على الركائز الأربع: التشخيص + التخطيط + الإنجاز + التقييم والتقويم، وذلك في مراعاة للشركاء المحتملين سواء المحليين أو الجهويين أو الوطنيين أو الدوليين.
من إنجاز التلامذة: وجدان العبوتي، أحمد صبار، الباتول العمراني، هبة الله بزار، فاطمة وكوري وأميمة جميل. تأطير الأستاذ: إسماعيل البشير العلمي. ثانوية المنصور الذهبي التأهيلية بمدينة المضيق.
قم بكتابة اول تعليق