بقلم – الزهرة زاكي
يقول بول فاليري: “يجب تعليم تلاميذ المدارس أن يطالعوا الصحف, ذلك أن الشعب – إذا كان هو الحاكم- فإن للحاكم أن يتسلم في كل صباح تقريرًا عن حالة ملكه وحالة العالم، هذا التقرير موجود في الصحف” .
مقولة استوقفتني و شدتني اليها بشدة وأنا أتمعنها وأحاول أن أصدقها , لكن للأسف كلما تمعنت فيا أكثر أضحك بهستيرية شديدة لأني أقارنها بحال بلادنا في ثلاث أمور مهمة تم ذكرها في هذه المقولة ” التعليم – الشعب – الصحافة ” , فلا تعليم في بلادنا في ظل البغرير والمسمن وثقافة التعاقد التي لا تنتج لنا الا معلمين حاقدين مريضين نفسيا , وشعب ينساق الى التفاهة أينما كانت وكيفما كانت , وصحافة تافهة جعلت من التافهين مشاهير , فهي صحافة ساري كول وأدومة ونيبا واكشوان اكنوان , اذن هل هذه هي الصحافة التي يمكن أن يقال عنها صحافة شعب وسلطة يمكن الوثوق بها حقا , وجعلها وسيلة تثقيف لتلاميذ المدارس ؟
للأسف تحولت السلطة الرابعة في المغرب من نصرة الثقافة الى نصرة التفاهة , والمؤسف أن الكل ينساق معها بدون وعي منهم بخطورة هذه الأمور التي تصنع لنا جيلا تافها بكل ما تحمل الكلمة من معنى , والخطير أن بعض المواقع التي تبحث عن النقرات فقط من أجل الربح تحاول جاهدة أن تجعل ما تقدمه هو معلومة مهمة و رسالة هادفة وتحاول جاهدة تغليفها بأغلفة تجعلها أسمى الرسائل , وبهذا بدون وعي منا تتلاشى القيم و المبادئ الجميلة للمجتمع , ونصبح شعبا تافها كتفاهة حكومته وتعليمه و اعلامه.
ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصّدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة….قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ” , وهذا ما فعلته الصحافة بنا في الأعوام الأخيرة , فقد جعلوا من تافهين قدوة وأعطتهم فرصة ليتكلمون في أمر العامة , كأمثال ” ساري كول – أدومة – نيبا – اكشوان اكنوان ” جعلت من مشاهير أعلام تاريخية , متناسين أنهم يسطرون لتاريخ قمة في الانحطاط , فهل هكذا شخصيات سنحكيها لأحفادنا وأبناءنا , هل حكم على جيلنا أن يكون تاريخه أسود ؟
وياأسفاه على الحقوق والحريات والقوانين التي جعلتنا أتفه من التفاهة , وعنواننا مغرب التفاهات , ففي الحقيقة أن كل هذه التفاهات ماهي الا مؤامرة واضحة المعالم هدفها ازالة الحشمة والوقار والتدين في نفوس المغاربة , وتحريف فكرهم عن كل ماهو مقدس، او فيه حرمة من حرمات الله , فانتشرت الديوثية بشكل كبير , فأصبح صاحب مقولة ” اكشوان اكنوان ” رمز الديوثية وجعل من زوجته وسيلة لجمع المال والشهرة , وأصبح الكل يحلم أن يكون مثله ليربح المال بدون أي مجهود يذكر , فهل هكذا هي رجولة الرجل المغربي العربي المسلم , أن يجعل من عرضه وسيلة للربح والشهرة ؟ أهكذا أنتم يا مغاربة ؟
يا مغاربة ان صحافة اليوم التافهة تريدك أن لا تفهم وأن لا تتثقف , فشعارهم اللاوضوح والضبابية ليجروك نحوهم لتحاول أن تفهم ولكنك لم تفهم ولن تفهم , لأن عقلك سلبوه منك ولم تعد قادرا على السيطرة عليه وهذه هي الحقيقة للأسف , لأن الصحافة بالمغرب فقدت معانيها النبيلة و أصبحت تجارة رابحة وتافهة , فبعد أن كانت ضمير المجتمع الناطق باسمه , أصبحت شيطان المجتمع الكاشف لعوراته وفاضح لأعراضه .
وختاما اتوسل الى كل صحفي و صحفية محب لمهنته متشبع بأخلاقياتها أن يرجع للصحافة التي هي سلطة من أفضل السلط هيبتها وقداستها ومهمتها النبيلة ألا وهي نشر الوعي بين الناس وتنقية العقول بدل تدنيسها , وأن تكون الصحافة دافعة كبرى للبناء والنهوض بالمجتمع وأن لا يكون سبب انحطاطه , فأرجوكم كفانا صحافة تافهة .
قم بكتابة اول تعليق