هاريسون فورد: التغير المناخي أكبر أزمة أخلاقية تواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين

المغرب الآن – دبي

أكد الممثل العالمي والناشط البيئي هاريسون فورد أن حالة التغيير المناخي اليوم تمثل أكبر أزمة أخلاقية تواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، وذلك في كلمة مؤثرة ألقاها اليوم في جلسته مع معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة ، والتي حملت عنوان “نداء لمكافحة التغير المناخي” ضمن اليوم الختامي للقمة العالمية للحكومات 2019. 

وفي نداء عاجل لمواجهة تداعيات التغير المناخي، أشار معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة إلى أن العشرين عاماً في الفترة ما بين 2030 و2050 ستسجل ما يقارب 7.5 مليون حالة وفاة متوقعة، وذلك بسبب الكوارث الطبيعية والأمراض التي ستخلفها تداعيات التغير المناخي على كوكب الأرض.

أما فورد والذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس منظمة الحفظ الدولية، فقد شدد على أن مدن عالمية بما في ذلك أبوظبي ودبي ولندن ولوس أنجلوس وهونج كونج، معرضة لتهديدات ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات. وقال “75 في المائة من أكبر المدن تقع على الساحل. ومع ارتفاع حرارة المحيطات، ترتفع مستويات مياه البحر، مما يعرض السكان للمخاطر ويهدد النشاط الاقتصادي.” 

كما قال بأن كل فرد على الكوكب، غني أو فقير ، قوي أو عاجز، سيعاني من آثار تغير المناخ، وثبت أن الجهود العالمية اليوم غير كافية على الإطلاق، وبأن الأرض والبحار هي الإرث الذي سنتركه لأطفالنا، وبأن 10 سنوات أخرى من عدم التحرك لمواجهة التحديات المناخية يكون الأوان قد فات.

وأشار معالي الزيودي إلى مقولة الفيلسوف اليوناني الشهير سقراط “تكلم حتى أراك”، خلال تطرقه إلى موضوع التغير المناخي وتداعياته، مؤكداً للحضور أن تداعياته لا تتكلم أمامهم فحسب، بل تصيح وتهدد المجتمع الدولي بقوة، وقال: “الآن وقت التحرك السريع والفعال”. 

وأشار فورد إلى التقرير الخاص بقمة المناخ التي عقدت العام الماضي في بولندا والذي أظهر أن انبعاثات الكربون وغازات الدفيئة والتي تمثل المسبب الرئيسي في التغير المناخي تتسبب سنوياً في وفاة سبعة ملايين شخص حول العالم، ويتوقع أن تتسبب تداعيات هذا التغير بشكل مباشر في تسجيل 250 ألف حالة وفاة في الفترة بين 2030 و2050، فضلاً عما ستسببه من أمراض لملايين أخرى من البشر، تتنوع بين أمراض نقص التغذية والجهاز التنفسي والاجهاد الحراري والأمراض المعوية والأوبئة التي تنتشر عقب الكوارث الطبيعية مثل الملاريا.

وأضاف معالي الزيودي: “بالرغم من الجهود العالمية التي تبذل للحد من تداعيات التغير المناخي وخفض نسب ملوثاته والعمل على التكيف مع أثاره السلبية، والتي تلعب دولة الإمارات دوراً عالمياً بارزاً فيها، إلا أن تسارع وتيرة هذه التداعيات وازدياد عدد الظواهر المناخية المتطرفة من 80 ظاهرة سنوياً في سبعينيات القرن الماضي إلى 400 ظاهرة سنوياً حالياً سيستدعي مزيد من العمل لايجاد حلول فعالة ذات قابلية للتنفيذ على المدى القريب.”

وأشار إلى منتدى تغير المناخ الذي تنظمه وزارة التغير المناخي والبيئة للعام الثالث على التواصل ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات، ركز في دورته الحالية على الوصول لهذه الحلول عبر نخبة القادة وصناع القرار ومسؤولي المنظمات العالمية والخبراء، مركزاً على الصحة العامة للبشر والمحيطات.

وحول صحة المحيطات وتضررها من تداعيات التغير المناخي أشار معالي الدكتور الزيودي إلى أن هذه البيئات البحرية الغنية التي دأبت لألاف السنين على تزويد البشرية بفوائد عدة باتت مهددة بتفاقم معدلات تلوثها، وفقد نسب كبيرة الأنواع الحياة التي تعيش بها، موضحاً أن التقارير العالمية أكدت أن الشعاب المرجانية التي تمثل موئلا طبيعياً لـ 25% من الأنواع البحرية على كوكب الأرض، مهددة بالاختفاء، ويظهر هذا واضحا في الحيد المرجاني العظيم في استراليا والذي يشكل أكبر تجمع للشعاب المرجانية، فتوقعات تأثره بالارتفاع العالمي لدرجة حرارة الأرض توضح أن بحلول 2050 سيفقد 95% من شعابه.

وإضافة لما توفره المحيطات من فوائد عدة لكوكب الأرض بشكل عام، توضح الإحصاءات العالمية أن هناك ما يزيد عن 600 مليون شخص حول العالم يعيشون ويعتمدون على المحيطات، وبالتالي فإن حياتهم ومصدر دخلهم مهدد بشكل مباشر بزيادة تأثر صحة المحيطات بتداعيات التغير المناخي.

الحل المثالي

وأوضح معاليه أن الحل الأنجح للتعامل مع قضية تغير المناخي وتأثيراتها يكمن في الالتزام بمعادلة تحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية في الوقت نفسه، وتطبيق منظومة الإنتاج والاستهلاك المستدامين، الأمر الذي انتهجته دولة الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد وتحافظ عليه وتطوره قيادتنا الرشيدة، وباتت تجربتها المحلية والعالمية تمثل نموذجاً رائد يحتذى به.

وأشار في ختام كلمته إلى أن منتدى تغير المناخ يستهدف رسم إطار محدد للتدابير والخطوات الفعالة التي يمكن تنفيذها عالمياً على المدى القريب لمواجهة تداعيات هذا التغير لتكون تمهيداً بناءً لما سيتم طرحه خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ التي ستعقد في نيويورك سبتمبر المقبل، وستستضيف العاصمة أبوظبي الاجتماع التحضيري لها يونيو المقبل.

اختفاء المدن

ومن جهته استند فورد إلى الإحصاءات الدولية التي توضح أن 3 مليارات شخص حول ترتبط حياتهم بشكل ما بالمحيطات، و75% من المدن الرئيسية الكبرى حول العالم تطل على الشواطئ، موضحا أن كل هؤلاء البشر والمدن مهددين بالاختفاء أو التضرر بصوة بالغة على الأقل إذ استمر التغير المناخي بمعدل الزيادة نفسه في تأثيره على صحة المحيطات.

ولفت إلى أن الإشكالية الأهم هنا هي أن من هم أقل تسبباً في  تدمير وتهديد الطبيعة، هم الأكثر تحمل لعواقب تغير المناخ، لذا يجب علينا جميعاً العمل من اجل البيئة بشكل عام والمحيطات بشكل خاص.

وأشار إلى أن مشكلة العمل من أجل المناخ هي في سلوكيات البشر التي تتسم أغلبها بالغرور والأنانية والجشع في التعامل مع مختلف مكونات الحياة على كوكب الأرض، الأمر الذي يجب أن يتغير حتى نستطيع مجاراة تزايد حدة التغير المناخي وخفضها.

وطالب فورد بضرورة زيادة الاستثمارات التي تستهدف خفض تلوث المحيطات، وتنمية موائلها الطبيعية وضمان استدامتها، وزيادة رقعة المساحات المحمية في البيئة البحرية. وأختتم فورد كلمته بالتأكيد على أن الطبيعة ليست في حاجة للبشر، بل هم من يحتاجون لها لضمان استمرارية وجودهم.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


85 − 77 =