أي دور لجمعيات المجتمع المدني في ظل جائحة كورونا

بقلم – محمد البيض

عرفت الآونة الأخيرة وبالأخص خلال تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والإعلان عن حالة الطوارئ الصحية ظهور مجموعة من الجمعيات التي ابانت عن مدى حبها وتضامنها مع متضرري هذه الجائحة في مختلف أنحاء المملكة المغربية، فقد استطاعت هذه الأخيرة بالقيام بمهمتها على أحسن وجه في بداية الجائحة عبر توعية المواطنين والمواطنات وتحسيسهم بمدى خطورة هذا الوباء وكيفية التعامل معه والإلتزام بالحجر الصحي، وتتبع التعليمات والإرشادات الصادرة من طرف وزارة الصحة، بالإضافة إلى توزيع مؤن على المتضررين، في مختلف أنحاء المملكة.

وهذا ما جاء به الفصل 12 من الدستور 2011 ” تُؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون. لا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية، إلا بمقتضى مقرر قضائي.

تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون.
يجب أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية”.

على غرار بعض الجمعيات التي توجود على الورق فقط خارج إطار العمل الجمعوي الذي يتوجب امتلاك روح المسؤولية و التضامن والتكافل والتعاون، وفي حقيقة الأمر فإن الجمعيات المدنية تُعد شريك هام لا يمكن إغفاله في تحريك دواليب التنمية والإقتصاد والعمل الإجتماعي ، لذا، وكما قلنا، فقد أفسحت الدولة، ومنذ إعلان استقلال البلاد، مجالا كبيرا لظهور العديد من الجمعيات الطامحة إلى خدمة الفرد والمجتمع، كما قدمت لها كل سبل الدعم المادي والحماية القانونية المتاحة لتباشر عملها بكل حرية وتستقطب المنخرطين تحت لوائها، وأن تدخل في منافسة مع بعضها البعض من أجل تقديم عمل مميز وصورة مشرفة وانطباع إيجابي على ما تقدمه من خدمات جليلة يعجز المرء عن احصائها أوحصرها وهذا ما شهدناه خلال هذه الجائحة، وبما أن الجمعيات المدنية هي عبارة عن مؤسسات إجتماعية خارج السوق الإقتصادية والتنافس، فهي لا تسعى إلى الربح المادي كباقي المؤسسات الأخرى كغرض أساسي لوجودها، ولذلك فمجالها أو دائرة عملها تنحصر في توفير الخدمات التي تقابل احتياجات المواطنين، ودعمهم. هذا الأمر الذي قامت به مجموعة من الجمعيات مع بداية تفشي وباء كورونا والإعلان عن حالة الطوارئ الصحية عبر القيام بحملات توعوية وتحسيسية، وخلال شهر رمضان المنصرم من توزيع قفف للفقراء و المعوزين الذين تضرروا بشكل كبير من تداعيات الحجر الصحي المطبق ببلادنا اتر تفشي وباء كورونا المستجد.
ففي مدينة سيدي بنور قامت جمعية اليد الممدودة في بداية الجائحة بحملات توعوية وتحسيسية بفيروس كوفيد -19 لفائدة الساكنة، كما انخرطت هذه الجمعية بشبابها في توزيع شهادات التنقل الاستثنائية وخلال شهر رمضان قامت بتوزيع قفف للفقراء وكذلك قيامها بتعقيم بعض أحياء المدينة، ومجموعة من الدواوير المحيطة بها.
كما استهدفت هذه المبادرة الحسنة العديد من مدن المملكة وبالأخص ساكنة البادية وتتضمن هذه القفف والمساعدات ، التي تم توزيعها تحت شعار”خليك في دارك رزقك اجيك تال دارك”، اللوازم الغذائية الأساسية الضرورية.

واستفاد من هذه  العملية التي تدخل في إطار تعزيز مختلف العمليات والمبادرات الإنسانية  من أجل النهوض بثقافة التضامن وتحقيق تنمية بشرية مستدامة، مجموعة من الأرامل والمطلقات وذوي الإحتياجات الخاصة بالإضافة للأسر التي تعاني ضيق اليد.
الأمر الذي لقي استحسانا كبير من طرف المستفيدين من هذه المساعدات التي تعبر عن روح والتضامن والتكافل التي تميز جميع مكونات الشعب المغربي، وتثبت مرة أخرى محاربة مختلف مظاهر الفقر والهشاشة والإقصاء وتكريس ثقافة التضامن والتآزر التي أرسى أسسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي تهدف إلى محاربة الفقر والتخفيف من معاناة الفئات المعوزة والفقيرة، انسجاما مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وقيم ومبادئ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن عنها جلالته في خطابه السامي بتاريخ 18 ماي 2005.

هذا وتبقى الجمعيات المدنية لها دور أساسي ومهم في المجتمع، إذ يعتبر العمل الجمعوي ميدانا لتحقيق الطموحات في التغير الإجتماعي وركيزة أساسية من ركائز المجتمع المدني، ومجالا يمكن من خلاله تعلم وممارسة الديمقراطية، من خلال الانخراط في التعددية داخل المجتمع، الأمر الذي يعلمنا التضامن والتكافل وقبول الآخر بكل خصوصياته ومواصفاته، وبفضله يمكن اكتساب التجربة والمبادئ في الحياة وفيه يتجرد الشباب من الحالات النفسية المرضية كالخجل والانطواء على الذات وكذا تعلم مجموعة من المهارات في الحياة وطرق الإندماج في المجتمع وحل المشاكل ومواجهة التحديات التي تواجههم.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


+ 84 = 87