قفة “التشهير” أو إحسان “شوفوني” في زمن كورونا

بقلم ذ.مروان اغرباوي ( محام)

ظهرت خلال الآونة الاخيرة بعض مظاهر توزيع قُــفَــف المساعدات الغذائية وبعض الأوراق النقدية من طرف مجموعة من “المُحسنين” على بعض الفئات الهشة والفقيرة داخل المجتمع، سواء في الأيام الاولى لدخول مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية حيز التنفيذ أو بعد دخول شهر رمضان.
لـــكـــن الملاحظ هو أن البعض من هؤلاء “المحسنين” يعمدون إلى التقاط صورهم مع الفقراء المستفيدين وهم يسلمونهم القفة أو الأوراق النقدية، ثم بعد ذلك ينشرون هذه الصور في صفحاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي تخليدا وتمجيدا “لِـقُـفة الـتـشـهيـر” التي يتكبدون عناء شراءها وتوزيعها محققين بذلك ما يسمى ب : “إِحسان شوفوني”. 
هؤلاء المحسنون من فئة “محسنو شوفوني” تحكمهم دواعي قد تكون انتخابية تحضيرا لاستحقاقات العام المقبل، وقد  تكون دواعي نفسية مرضية “زعما شوفوني تانتصدق” وكأن جزاء الصدقات وأجرها يعطيه الناس وليس الخالق سبحانه وتعالى، الذي أمر في كتابه العزيز أن تكون الصدقات في السر لقوله تعالى : ” إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم” سورة البقرة الآية 271.
كذلك، أثبتت ظاهرة “مُحسنو شوفوني” جهل هؤلاء بالتدابير الوقائية من عدوى فيروس كورونا حيث ظهر “محسنو شوفوني” في صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يوزعون المواد الغذائية على الأسر المعوزة دون اتخاذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من عدوى الفيروس، وبالتالي فقد يتسبب “محسنو شوفوني” في تقديم قفة الدقيق والزيت بالإضافة لفيروس كورونا كـتعـبـيـر عن كَرَمِهِم الكبير تجاه الفئات الهشة و المعوزة داخل هذا المجتمع.
ويبدو أن “محسنو شوفوني” لم يكتفو بجهلهم بمبدأ سرية الصدقات و التدابير الوقائية من فيروس كورونا، بل إنهم أثبتوا جهلهم بالقانون أيضا وبكون الأفعال التي يقومون بها هي جرائم في نظر القانون، ذلك أن الفصل 2 ـ 447 من القانون الجنائي كما تم تعديله بالقانون 103.13 ينص على ما يلي : ” يُعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20.000 درهم، كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو وتوزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم”، و بطبيعة الحال فإنه من المستبعد جدا أن يكون “محسنو شوفوني” قد انتقلوا مع كل مستفيد من المستفيدين من القفة للمصادقة على توقيع هؤلاء على الإذن بنشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه لو كان الأمر كذلك لما قام “مُحسنو شوفوني” بتوزيع “قفة التشهير”، كما أنه و من الناحية الإنسانية البحتة، فإن تقديم قفة التشهـيـر لا يجب أن تسلب الإنسان من كرامته كإنسان وتجعله مطية لتحقيق أهداف انتخابية ضيقة أو تصريف مرض نفسي مزمن يحمل إسم “مرض شوفوني” المتفشي داخل هذا المجتمع بشكل مهول ومتعدد التجليات.

قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


+ 66 = 69