بقلم – جمال محتاج
لو كان الموتى يتكلمون لما كان التاريخ مجموعة من الأكاذيب السخيفة ، كل الموتى حملوا ذكرياتم وتاريخهم إلى قبورهم وأصبحوا في خبر كان ، لا أحد يذكرهم اويتذكرهم حتى الرحمة الربانية لا ينوبهم منها إلا النزر القليل ، التاريخ يكتبه أصحاب القصور والثبور وحواريهم ، لا نكاد نقرأ أو نسمع إلا سيرة القايد الفلاني أو العلاني ومغامراته أيام الحركات والشيخات و….. وكأن التاريخ حكرا لهم وأسرهم ، لقد نسوا أن مزبلة التاريخ هي من خلدتهم ومن طبل ويطبل لهم .
سحقا لهم جميعا والعزة للشرفاء الذين يرفضونهم كجزء من الذاكرة ، ويكنسونهم كقمامة مكانها الطبيعي المزبلة .
لقد عاش بيننا من هم أشرف وانبل بكثير منهم وأصبحوا في طي النسيان لا لشيء سوى أنهم فقراء أتثوا فضاءات مجتمعنا في زمن ما وفي مكان ما تحت الشمس ، فوق خريطه هذا الوطن في مدينة كسيدي بنور ، نعم ومن ذاكرتي المخرومة بفعل ضربات هذا الزمن اللعين ، لازلت احتفظ بصور وحركات وتحركات أناس مثلي ومثلك عاشوا في صمت ورحلوا في صمت إلى دار البقاء ، اللهم أكرم نزلهم فهم عبيدك.
للذكرى والتاريخ من منكم يتذكر عبد الله باصكي دو اللحية الماركسية المتعفنة على وجهه الملائكي ، وقبيسينة الجميلة رغم قساوة الحياة عليها وهي تجوب شوارع مدينتي إلى أن ساق القدر لها ابنها لينتشلها من براثن العفونة ، لترحل بعيدا دون استئذان .
كثر هم من كانوا يجوبون شوارع سيدي بنور وغيبهم الموت ، رحمة الله عليهم جميعا
ستبقى أسماؤهم وشما في ذاكرة كل بنوري عايشهم.
اكيد تتذكرون العرابي كأول سكير متمرد على قانون الستر كان يعلن سكره في واضحة النهار ، وبن عيسى ( الديبة) المتيم بحب كرة القدم وفتح سيدي بنور أكثر بكثير من بعض المسيرين الذين تعاقبوا على تسييرها ومن بعض الجماهير أيام الزمن الجميل ، صحيح أنه كان يعشق ( البراخا) القمار لكنه كان عاقلا بحمقه.
أعلم أن كثيرون سيسخرون مني وأنا اكتب على مثل هؤلاء ، ناس لا فائدة منهم ، لهم أقول قليل من الاحترام ، فاجسامهم الطاهرة توارت مند زمن بعيد داخل قبور لا تحمل شواهد لأسمائهم ، لكن لا بأس من ذلك فأنا إنسان اشتقت إليهم .
اشتقت إلى عبد الله باصكي ، العرابي ، كمراد ، قبيسينة ، بن عيسى ، بج ، ملوك ، لالة مباركة ، فاطمة ، ملك الجالوق ، البهجة ، عبد القادر البراح وطابور طويل من المتسولين والجوعى والفقراء ، واعتذر ممن سقط اسمه سهوا وليس قصدا فأنا احبكم في الله والإنسانية.
لا أهتم للآخر ، اغبطكم في نومتكم الأخيرة بين يدي رب العرش العظيم ، على الأقل لم تتسببوا يوما ما في ايداء خلق الله ، ولم تسرقوا مدينة نهبها دووا العقل ، دعاة المبادئ والأخلاق .
قم بكتابة اول تعليق