المغرب الآن – رقية أشمال
بتاريخ 13 مارس 2019 يومه الأربعاء نظم المرصد المغربي للأبحاث والدراسات حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية ومختبر الأبحاث حول الإنتقال الديمقراطي المقارن برحاب كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بسطات مائدة مستديرة حول 60 سنة على صدور ظهير الحريات العامة: أي دروس مستخلصة؟ وقد إشتملت هذه المائدة على خمس مداخلات تترابط وتتكامل فيما بينها، لقراءة هذا الظهير من مداخل متعددة، كان أولها مداخلة للأستاذ عبد الرحمان الماضي حول موضوع “تطور الحريات العامة وحقوق الإنسان:ملخص كرونولوجي” رصد من خلاله مسار تطور الحريات وحقوق الإنسان بالمغرب من خلال مرحلتين أساسيتين، وهما مرحلة ما قبل دستور 2011 ومرحلة ما بعد دستور 2011 وذلك من خلال ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: يهم مختلف الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب المتعلقة بتعزيز منظومة حقوق الإنسان.
المستوى الثاني: يهم مختلف المؤسسات والهيئات التي أحدثها المغرب لتعزيز هذا المسار.
المستوى الثالث: يهم التشريعات التي صدرت في هذا السياق منذ حصول المغرب على إستقلاله.
ليركز الباحث نهاية على القول بأن دستور 2011 كان بامتياز دستور الجيل الجديد من الحقوق والحريات، سواء بتكريسه للعديد من الحقوق والحريات الفردية والجماعية، او على مستوى خلق هيئات الحكامة العشر.
وفي سياق الربط بين السياسات الأمنية والسياسات الجنائية في علاقاتها بتطور الحريات العامة بالمغرب جاءت مداخلة الأستاذ إحسان الحافيظي في موضوع “تحولات السياسات الأمنية والجنائية على ضوء تطور الحريات العامةّ” حيث بين أنه طوال فترة ما قبل دستور 2011 تم تكريس هيمنة السلطة التنفيذية على بلورة السياسات الجنائية بالمغرب من خلال السلطات الممنوحة لوزير العدل في الإشراف على المؤسسات القضائية.
كما أشار إلى تضخم التشريعات في المجال الأمني والرجوع إلى بعض التشريعات الموروثة من عهد الحماية لتوصيف تعامل الدولة في مجال الحريات العامة انطلاقا من الهاجس الأمني، غير انه مع دستور 2011 سيقع تحول في السياسة الأمنية والسياسة الجنائية مشيرا إلى نقطتين إ:
استعادة القضاء لوظيفته؛
استعادة البرلمان لسلطة التشريع في التشريعات ذات الطبيعة الأمنية.
وفي سياق البحث عن مداخل إصلاح ظهير 1958 تأتي مداخلة الدكتور عبد الرحمان حداد تحت عنوان “بعض مداخل إصلاح القانون المنظم للجمعيات” من خلال سؤالين: سؤال لماذا؟ وسؤال كيف؟ فالسؤال الأول يتعرض للأسباب التي تجعل تعديل ظهير 1958 أمرا راهنيا، من خلال تغيير السياق الحالي الذي يختلف كثيرا عن سياق صدور هذا الظهير، وأيضا تطور المجتمع المدني نفسه، إلى جانب ما أفرزته الممارسة العملية من إشكالات في تطبيق هذا الظهير.
أما سؤال كيف فيقدم من خلاله الباحث عدة مداخل للإصلاح منها:
إعادة تعريف الجمعيات.
تعديل الفصل الخامس.
توضيح صفة المنفعة العامة.
توضيح مسطرة الشراكة والتمويل.
تضمين الادوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني.
وبخصوص إعادة الاعتبار للمجتمع المدني في علاقته بالدولة تأتي مداخلة الأستاذ عبد الحفيظ اليونسي تحت عنوان “الحاجة لقانون التشاور العمومي” أبرز فيها الباحث أن مأسسة آليات التشاور العمومي أصبح حاجة ملحة لتدبير الأزمات في ظل ما تعرفه الديمقراطية التمثيلية من قصور، راصدا بعض الإشكالات القانونية المرتبطة بالوثيقة الدستورية، وكذلك بالقوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
ليخلص في نهاية مداخلته إلى اقتراح جملة من المبادئ والمعايير التي ينبغي مراعاتها في قانون التشاور العمومي وهي خمسة مبادئ:
الالتزام؛
الاستقلالية؛
مقاربة النوع؛
الشفافية؛
الفعالية والنجاعة؛
وختاما تأتي مداخلة الباحث سفيان الكمري لتبحث في العلاقة الموجودة بين النص القانوني وواقع الممارسة، من خلال مداخلة بعنوان “ظهير تأسيس الجمعيات لسنة 1958 قراءة في النص وواقع التطبيق”.
قدم من خلالها نوعيين من القراءة في ظهير 1958: قراءة تأصيلية، وقراءة نقدية. فالأولى تبحث في المرجعية الفلسفية الناظمة لنصوص ظهير 1958 ليؤكد الباحث أنها تمتح من الفلسفة الليبرالية التي جاءت حاكمة على البناء العام للظهير.
أما القراءة النقدية، فتركز على الشرط السياسي الذي تحكم في تأويل ظهير 1958 على المستوى الواقعي. فالفلسفة الليبيرالية المتحكمة في نصوص الظهير، تقابلها فلسفة نفعية برغماتية من قبل الإدارة في التأويل ، وقد برهن على ذلك من خلال مجموعة من النماذج والأمثلة مستحضرا عددا من تقارير الدولية والوطنية الصادرة في هذا الشأن.
ليختم مداخلته بلفت الانتباه إلى الحاجة لتعميق البحث السوسيولوجي في سياق البحث عن تفسير لمسار تطبيق وتنزيل ظهير 1958.
الخلاصـــــــــــــــــــــــــــات:
الحاجة إلى تعديل ظهير 1958 ليواكب من جهة الالتزامات الدولية للمغرب، ومن جهة أخرى تطور المنظومة الدستورية والتشريعية خاصة مع صدور دستور 2011.
مأسسة آليات التشاور العمومي من أجل الرفع من أداء المجتمع المدني ومساهمته في تدبير الأزمات المجتمعية.
تثمين دور الوساطة الذي يلعبه المجتمع المدني من خلال مقتضيات قانونية، حتى لا نضع الدولة في مواجهة المجتمع.
استثمار التكنولوجيا الحديثة لتطوير أداء الجمعيات، وتمكينها من مداخل جديدة تعزز من ادواره الاجتماعية.
ضرورة مواكبة القضاء لتطور وظائف وأدوار المجتمع المدني في اتجاه تأويل ديمقراطي لظهير 1958.
قم بكتابة اول تعليق