بقلم – د . محمد الزهراوي
في إطار رصد وتتبع الحراك الشعبي الرافض لولاية خامسة للرئيس بوتفليقة، يمكن القول أن سيناريو الولاية الخامسة بات مستحيلا ومستبعدا، لاسيما في ظل تزايد الأصوات الغاضبة وتوسع دائرة الرفض الشعبي لتشمل قوى سياسية ومدنية إعلامية كان بعضها في السابق ينزع نحو الصمت خوفا أو تواطؤ أو طمعا.
الملفت في الحراك الشعبي الجزائري أنه أربك حسابات قيادة الجيش ومن يدور في فلكها في دوائر السلطة بالجزائر، خاصة وأن الجيش كان يراهن على عاملين أساسين لإدارة البلاد بكل أريحية في المرحلة المقبلة، الأول، عقدة “الخوف لدى الشعب” من تكرار سيناريو عشرية الدم، والثاني، محاولة شراء السلم الاجتماعي وصمت واستكانة الشعب الجزائري بالدعم الموجه إلى المجال الاجتماعي. لكن خروج مختلف شرائح المجتمع إلى الشارع بطريقة عفوية وسلمية، دفع بالجيش إلى الخروج إلى واجهة الأحداث(خطابات القايد صالح) ومحاولة امتصاص الغضب الشعبي ثارة بالوعيد وثارة أخرى بترويج خطاب المؤامرة، أو بمناورات كلاسيكية متجاوزة كتعطيل الدراسة والإعلان عن العطلة قبل موعدها، لكن خروج الجيش إلى العلن وبتلك الطريقة ساهم بدوره في تأجيج الأوضاع واتساع رقعة المناصرين للحراك الشعبي.
وفي خضم هذا الحراك الجماهيري، وفي ظل تباعد الروئ بين دوائر السلطة وعدم قدرتها على التوافق على خليفة بوتفليقة، يمكن الإشارة إلى ثلاث ملاحظات أساسية حول واقع ومستقبل هذا الحراك :
الأولى، الحراك الشعبي عفوي ويجمع مختلف الشرائح والقوى الوطنية الجزائرية، لكنه يفتقر إلى إطار تنظيمي وقيادة وبرنامج مسطر، وهو ما يجعله عرضة للتلاشي مع مرور الوقت أو الاختراق من طرف الجيش بطرق معروفة سبق وأن استعملت خلال العشرية السوداء.
الثانية، انتقال الحراك الشعبي إلى المرحلة الثانية، من خلال إحداث تنسيقيات أو هياكل محلية واختيار قيادات وتمثيليات، يشكل وسيلة ضغط حقيقية على الجيش، ويمكن بحسب “مزاج وضغط الشارع” أن يسهم في تعديل الدستور والتأسيس لتحول سياسي جزائري، يسمح بانتقال السلطة تدريجيا وجزئيا من العسكريين إلى المدنيين.
الثالثة، انتقال الحراك إلى أشكال تعبيرية وتنظيمية جديدة، قد يدفع العسكر إلى تكرار سيناريو العشرية السوداء، من خلال إعلان حالة الطوارئ، وتأجيل الانتخابات كخطوتين أوليتين، وإدخال البلاد في متاهات ومشاهد أكثر دموية. لكن، يبدو أن هذا السيناريو يظل صعبا ومكلف للجيش الجزائري في ظل الإشارات التي وجهتها إليه أمريكا حينما طالبته باحترام حق التظاهر. لكن، بالمقابل يبدو أن فرنسا تدعم الاستقرار بفعل تطابق المصالح، وذلك، وفق الرؤية التي تحمي مصالحها ومصالح الجيش والكارتيلات المالية المتحالفة مع السعيد بوتفليقة.
قم بكتابة اول تعليق