بقلم – محمد بنلعيدي **
ليس من المستبعد أن باقي القطاعات الوظيفية و الإنتاجية كالزيوت و السكر و الحليب و المحروقات والخدمات وغيرهاستحدو نفس مسار التنسيقيات بحكم أن العمل النقابي اليوم على صفيح ساخن و محك حقيقي نظرا للأزمة البنيوية التي تعيشها معظم النقابات الوظيفية و العمالية.
ومما لاشك فيه أن العمل النقابي اليوم يعيش أزمة تاريخية غير مسبوقة و يوجد على المحك الاجتماعي ،و هدا ليس بمفاجئ بل كان منتظرا و معطى طبيعي , بل يساءل الضمير و المسار النقابي الذي كان يشغل واجهة من النضال الاجتماعي بمؤسساتهلصناعة القيادات الكبرى التي ساهمت البعض منها في أعطاببنيوية داخلية التي اعترت العمل النقابي ، زيادة على التشرذم وسط الشغيلة وضعف التأطير النقابي، وأزمة الثقة بين الموظفين و الأجراء من جهة والإطارات النقابية و مندوبي الأجراء ممثلي اللجان الدائمة من جهة أخرى, بالإضافة إلى القمع و البطش الذي تعرض له عدة نقابيين من طرف الباطرونا و بعض المسؤولينالعموميين أمام صمت الأجهزة المختصة مما ترك الهوة تكبر بين جميع الأطراف و بالتالي أصبحت لغة الانسحاب و عدم الاهتمام هي السائدة و سط الشغيلة في عدة قطاعات .
كل هذه الأسباب ساهمت في تراجع التأطير النقابي ناهيك على شبه انعدام الديمقراطية الداخلية و ضعف الشفافية في التداول و اتخاذ القرار كما طفى على الساحة العمالية مخلوقات نقابية تتفنفي التموقع من أجل الاستفادة غير المشروعة من الامتيازات و الريع النقابي و المساهمة في الإجهاز على حقوق الموظفين والعمال سواء بالتواطؤ المباشر أو بالصمت أمام تجاوزات بعض رؤساء المؤسسات العمومية وغالبية الباطرونا التي تنتهك مضامين مدونة الشغل .
و باعتبار أن المشرع المغربي منح مكانة متميزة للفعل النقابي، من خلال الإطار القانوني الذي يؤطر عمل الأجراء وفق مدونة الشغل وكدلك طبقا لمقتضيات المادة الثامنة من دستور 2011، هذا بالإضافة إلى القانون المنظم للعمل النقابي الدي يمنح هامشا مهما للنقابات و أطرها في التحرك و كدا التفرغ، و الملاحظ في السنوات الأخيرةأن هذا القانون أصبح متجاوزا مما يستدعي التعجيل بإدخالتعديلات عليه لتجاوز الآليات الكلاسيكية القديمة..
و من هنا بدأنا نلاحظ مند حوالي 2016 دخول فاعل جديد يزاحم المنظمات النقابية باعتبارها هيئات تقليدية و أصبحت متجاوزة في اعتقاده . حيث نتكلم عن إطار التنسيقيات، التي أخذت موقع جد متقدم في الساحة النقابية على حساب النقابات التقليدية،مما أدى إلى ظهورها وسط مواقع التواصل الاجتماعي بالخصوص التي تتيح تواصل ديمقراطي و شفاف عوض الالتزام بالهياكل التنظيمية الموجودة وسط النقابات، و كون انعدام التواصل الفعال و إقصاء الديمقراطية الداخلية و عدم احترام تواريخ انعقاد الجموع العامة في وقتها يضعف التجاوب مع الأحداث السريعة ويعرقل عمل الطاقات و الكفاءات الجديدة من الوصول لمناصب المسؤولية، حيث يلاحظ التشبث بالمناصب وفق الولاءات السياسية.
ولهذا تأتي التنسيقية كانفراج عن هذا التسيب و القمع الداخلي المشجع للولاءات و الانبطاح و الريع الذي يطحن و يقتل الديمقراطية وسط العمل النقابي من خلال عدد من الإشكالات التي ترسخت وسط عدة النقابات ودفعت إلى ما يمكن أن نسميه التحول و الاشتغال ضمن الإطارات الجديدة التي سميت بالتنسيقيات التي حتما دقت أخر مسمار في نعش النقابات و لما لا في المستقبل القريب سنرى تعديلات قانونية تفرض نفسها من أجل الاعتراف بهارسميا .
**فاعل مدني و حقوقي
قم بكتابة اول تعليق